حدثنا أهلنا أن لصا فيما سلف من زمن ذهب لسرقة عرب، وعرب صفة تطلق على مجموعة بيوت بدو وعلى بيت وحده أيضا.
عندما وصل اللص كانت قد بدأت التعليل، لبد وراء رواق البيت، والرواق الساتر الخلفي لبيت الشعر، طالت التعليلة بين سولافة تجر أخرى، حتى تناول أحد الحضور الربابة وراح يجر عليها قصيدة ما، يجر هي ذاتها مفردة عزف. كل ذلك الوقت واللص في مكانه ينتظر، لكنه بدأ يطرب لشدة جمال القصيد، ولأنه خبير بالجر على الربابة ما كان منه إلا أن تفاعل مع الحالة فنادي من مكمنه على الشاعر قائلا : إلحق الخنصر.. إلحق الخنصر.. أي استخدم خنصر يدك بالعزف.. تنبه الحضور لصوته.. فنادوا عليه : إفلح يالاقي الخير.. فخرج من مخبأه ودخل عليهم مجلسهم.... تبين فعلا أن خنصر الشاعر كان مبتورا فجاء اللحن منكسرا... تعلل معهم ماتبقى من ليل دون ملامة أو إحراجا له عما كان ينوي وما كانت غايته... قد يكون ذلك الفعل مؤشرا على تسامح الناس آنذاك وطيبتهم وتجاوزهم عن بعضهم البعض بعيدا عن التنكيل و التشهير بل نوعا من التأديب والتهديب و تقويم السلوك بطريقة غير مباشرة... رحم الله أناس تولى زمنهم .