فيما كانت دماء الشهيد المقبل غير المدبر عدي التميمي تخضب تراب فلسطين فيمر هذا العمل البطولي مرور الكرام كخبر ثانوي في معظم وسائل الإعلام والاتصال،تواصلت عملية الضخ الإعلامي الكبيرة التي انطلقت منذ أشهر حول المطربة شيرين وأخبار طلاقها ،ثم أخبار قصها لشعرها بصورة كلية ،ثم أخبار تبادل الاتهامات بينها وبين طليقها إلى تصالحهما ومسامحتها له،
وصولا إلى اختفائها واتهام شقيقها بضربها وسحلها ثم إخفائها واتهامها بالأمان على المخدرات،وفي كل حالة من هذه الحالات كانت مواقع التواصل الاجتماعي ،ووسائل الإعلام الرقمي والإعلام التقليدي المكتوب والمسموع والمرئي، تخصص مساحات واسعة لشيرين وطلاقها وشعرها واختفائها وإدمانها ، وكانت هذه المساحات تغص بالأخبار والتحليلات وإعلان التعاطف مع شيرين ودعوة الملايين لإعلان تضامنهم معها.
ما هو أكثر وأخطر من ذلك هو أن الكثير من وسائل الإعلام،بما فيها ما يوصف بأنها رصينة وأنها تمثل اتجاهات سياسية لم تتردد بأن تقول بأن أجيال الأمة تربت على أغاني شيرين.
وخطورة مثل هذا الطرح أنه يجعل من شيرين وأمثالها نموذجا وقدوة لأجيال الأمة وخاصة شبابها من الجنسين،بكل مايمثله هذا النموذج من سلبيات وتردي حضاري.
حالة شيرين هذه تمثل نموذجا من نماذج التفاهة التي يجري الترويج لها بين شباب الأمة،من خلال تسخير وسائل الإعلام والإتصال لنشر هذه الثقافة من خلال تخصيصها مساحات واسعة لأخبار تعري بعض اللواتي يطلق عليهن لقب فنانات وتحويلهن إلى نجوم تلاحق أخبارهن حتى في غرف النوم والحمامات، ويجري أشغال الشباب من الجنسين بعد زيجات كل منهن ،وهو أمر ينطبق على الذكور من نجوم الفن الهابط ومن خلال تكرار إذاعة الأغاني ذات الكلمات الهابطة، ومن خلال بث المسلسلات التي صارت تروج للخيانة بكل أشكالها وللرذيلة بكل أنواعها،تحت مسمى المشاهد التي تخدم الحبكة الدرامية. وبالمقابل يجري تهميش كل مكونات التقافة الجادة التي تنهض بالواقع الحضاري للمجتمع ،بما فيها الفنون الراقية التي تسهم ببناء التطور الحضاري للمجتمع. وتزداد الصورة عتمة عندما يتعلق الأمر بالحانب العلمي التقني للثقافة ،حيث لا خبر عن مبدع ولا مخترع عربي ، ففي العصر الذي تنكب به الامة وتسود ثقافة التفاهة ،لابد من تجاهل الباحث الجاد وكذلك القاص الروائي والشاعر ،وبالضروة العالم والمخترع لتكتمل نكبة الأمة بتقدم اخبار شيرين على الشهيد عدي.