يكافح الكثير منا للحفاظ على توازنه في عالم سريع الخطى كثير المطالب؛ كفاحاً يمكن أن يسبّب ضغوطاً تخصّ العلاقات والعمل. ذلك كلّه يلقي بثقله على الصحة النفسية للفرد. ويعتبر النوم الجيد أحد أهم المعايير التي تحدد مستوى العافية النفسية. وتجمع النوم والصحة النفسية علاقة متشابكة؛ إذ يمكن أن تجعلك قلة النوم تشعر بالتعب وسرعة الانفعال والقلق، وهذا لا يمثل معادلة جيدة لحالتك المزاجية أبداً.
ويمكن أن تتجلى العلاقة الوثيقة بين النوم والصحة النفسية نفسها حين يؤثر التعايش مع اضطراب أو أزمة نفسية في جودة النوم.
يقدّم هذا التقرير من «هارفارد بزنس ريفيو» تفاصيل هذه العلاقة المتشابكة بين الاثنين، مسلّطاً الضوء على التأثيرات السلبية المحتمَلة ونصائح الخبراء لعلاج النوم وتحسينه جنباً إلى جنب مع الصحة النفسية.
ويُعتبر النوم جزءاً حيوياً من صحة كل شخص؛ إذ يميل أولئك الذين يحصلون على قسطٍ كافٍ من النوم إلى الاستمتاع بمستويات طاقة أعلى وحالات مزاجية أفضل وتفكير أوضح.
ويؤكّد خبراء الصحّة من المؤسسة الوطنية الأميركية للنوم (National Sleep Foundation) إن العلاقة بين النوم والصحة النفسية أصبحت مزدوجة الاتجاه بعد أن تغيّرت النظرة التقليدية التي اعتبرت مشكلات النوم كأحد أعراض الاضطراب النفسي، فقد تكون مشكلات النوم سبباً لمشكلات الصحة النفسية أو حتى نتيجةً لها. ومن بين الأسباب التي تجعل الأشخاص الذين يعانون من مشكلات النوم أكثر عرضة لمشكلات الصحة النفسية، هو أن قلّة النوم تؤثّر في طريقة عمل الدماغ. فعندما لا يحصل الدماغ على قسطٍ كافٍ من الراحة يمكن أن يبدأ في العمل بطرق غير طبيعية؛ كإنتاج الكثير من هرمون الكورتيزول (Cortisol) المعروف بهرمون التوتر.
وقد ارتبط تعرض الدماغ مطوَّلاً لتركيز عالٍ من الكورتيزول بظهور أعراض نفسية مثل الاكتئاب والتهيج والتوتر العاطفي.
مشكلات الصحة النفسية
يمكن أن تسبب اضطرابات النوم مجموعة من مشكلات الصحة النفسية؛ بما في ذلك:
◄ ضعف التركيز
◄ تقلّب المزاج
◄ الاكتئاب
◄ القلق كما يؤكّد الخبراء من موقع مايند (Mind).
◄ يصبح الشخص أكثر عرضة للإصابة بنوبات ذهانية
◄ يمكن أن تسبّب قلة النوم الهوس أو الذهان أو جنون الارتياب، أو تجعل الأعراض النفسية أو العقلية الموجودة مسبقاً أسوأ.
◄ الذين يعانون من اضطرابات النوم يصبحون أكثر تأثراً بالمشكلات الصحية الأخرى وبخاصة مشكلات الصحة النفسية؛ كما يمكن أن يزيد لديهم الشعور بالوحدة أو العزلة.
ويضيف خبراء مايند ان مواجهة مشكلات النوم تسبّب لصاحبها مشاعر الضيق وانخفاض الطاقة والتركيز المطلوب لأداء المهام؛ ما يؤدّي إلى ظهور مشكلات في الحياة اليومية متعلّقة بالعمل أو العائلة والأصدقاء.
اضطرابات النمو العصبي
يربط خبراء الصحّة من المؤسسة الوطنية الأميركية للنوم، بين النوم وحالات محدّدة من مشكلات الصحة النفسية واضطرابات النمو العصبي (Neurodevelopmental Disorders) بشكل واضح، ونلخصّها في الحالات التالية:
- الاكتئاب: تظهر أعراض الأرق لدى ما يقرب من 75 % من المصابين بالاكتئاب. وتشير الدلائل إلى أن قلة النوم قد تحفز ظهور أعراض الاكتئاب أو تؤدي إلى تفاقمها. كما يعاني الكثير من المصابين بالاكتئاب من النعاس المفرط في أثناء النهار وفرط النوم.
- الاضطرابات العاطفية الموسمية: ترتبط هذه الحالة بتعطّل الساعة البيولوجية الداخلية للشخص؛ وهي نوع فرعي من الاكتئاب يصيب الأشخاص خلال فصليّ الخريف والشتاء. ويميل الأشخاص المصابون بالاضطراب العاطفي الموسمي إلى مواجهة تغييرات في دورات نومهم كالنوم الكثير أو القليل.
- اضطرابات القلق: تشمل أنواع اضطرابات القلق اضطراب القلق العام، واضطراب القلق الاجتماعي، واضطراب الهلع، والرهاب المحدد، واضطراب الوسواس القهري، واضطراب ما بعد الصدمة. وهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمشكلات النوم بحيث يسهم القلق والخوف في حالة فرط التيقظ التي تُعتبر من المسببات الرئيسية للأرق؛ غير أن مشكلات النوم لا تحدث دائماً كنتيجة للقلق بل يمكن أن تنشط قلة النوم أعراض القلق لدى الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة به.
- اضطراب ثنائي القطب: تتغير أنماط النوم بشكل كبير عند المصابين باضطراب ثنائي القطب بناءً على حالتهم العاطفية المتقلبة بين نوبات الهوس والاكتئاب، فهم عادةً يشعرون بالحاجة إلى النوم بشكل أقل في فترات الهوس، أو قد ينامون بشكل مفرط خلال فترات الاكتئاب.
- الفصام: يتميز بصعوبة التمييز بين ما هو حقيقي وما هو غير ذلك. فالأشخاص المصابون بالفصام يكونون أكثر عرضة للإصابة بالأرق واضطرابات إيقاع الساعة البيولوجية، لذا قد تتفاقم مشكلات نومهم بسبب الأدوية التي تُستخدم في علاج الفصام.
- اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD): وهو اضطراب في النمو العصبي يتسم بانخفاض مستوى الانتباه وزيادة الاندفاعية. وقد يجد الأشخاص المصابون من الأطفال والبالغين صعوبة في النوم، والاستيقاظ المتكرر، والنعاس المفرط في أثناء النهار. إضافة إلى معدلات الإصابة الأعلى باضطرابات النوم الأخرى؛ مثل انقطاع النفس الانسدادي النومي، ومتلازمة تململ الساقين (RLS) لديهم.
نصائح لتحسين عادات النوم
يمكن لتنمية عادات النوم الصحية وتعزيزها أن يسهم في الحدّ من اضطرابات النوم بشكلٍ كبير، وذلك من خلال اتخاذ بعض الإجراءات الروتينية التي تتضمن الآتي:
◄ تحديد موعد ثابت للنوم والحفاظ عليه
◄ تعلّم تقنيات الاسترخاء وممارستها قبل النوم
◄ تجنب التبغ والكافيين في فترة المساء
◄ إبعاد الأجهزة الإلكترونية، والإبقاء على الأضواء خافتة لمدة ساعة أو أكثر قبل موعد النوم
◄ ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والتعرض للضوء الطبيعي في أثناء النهار
◄ حجب الضوء والصوت الزائد الذي قد يؤثر في النوم
معلومات وتنبيهات
◄ قلة النوم تشعرنا بالتعب وسرعة الانفعال والقلق وتحفز ظهور أعراض الاكتئاب أو تؤدي إلى تفاقمها
◄ الذين يحصلون على قسط كاف من النوم يميلون إلى الاستمتاع بمستويات طاقة أعلى وحالات مزاجية أفضل
◄ عندما لا يحصل الدماغ على قسطٍ كافٍ من الراحة يمكن أن يبدأ في العمل بطرق غير طبيعية
◄ عدم النوم الكافي قد يسبب الهوس أو الذهان أو جنون الارتياب