أما اليوم أذهب للمقهى أجلس على تلك الطاولة يأتي النادل يضع كوب قهوتنا العربية الذي كُنا نتناولهُ معًا ويرحل دون أن يقول شيئ، دون أن يسقط كوبًا واحدًا، لا أحد ينبهر في مقهى العاشقين، سألتُ ذلك النادل الذي هرم وزداد شيخوخةً!
لم أرى أحد ينبهر الآن بحضوري هل أصبح حضوري مزعج هنا؟ قال لي ماذا تريد أن أرى! ملامحك التي تزيدني عمراً من الستين أرى سواد عينيك الذي يجعلني أهجر المقهى ، قلت بالأمس كنت منبهر هنا ، قال اليوم أخاف و أنزعج كثيراً أرى عينان متعبتان، وشعرك بالامس كان حريري أما اليوم أراهُ مجعدًا، بالأمس كانت ملامحك كالقمر….
رحل النادل بعدها وهوَ يرى الفرق الهائل الذي قد تلاشى بعد غيابكِ، التفت للخلف وأذ أرَّ العجوز نائم ذهبت إليه وقلت له بالأمس عادَ لكِ شبابك ما بالك اليوم نائم متعب قال إنَ بينَ الأمس واليوم عامين لم تكن الملامح تتغير بين أمس ويوم أراك اليوم متعب ، قال أريد الأمس أن يعود اليوم أشعر وكأني على حافةِ القبر، اِتركني أُكمل نومي لعلي أسترجعُ الأمس ولو بحلم!
رحلت من المقهى بهدوء وبداخلي الخوف والضياع والحزنُ والتعب أنَّ النادل قد أمال لكِ ولم يضع الماء في الكأس الذي أرتشفتهُ أنتِ
فقد كان العجوز قد هواكِ ولم يرحل عن المقهى وقال للنادل لا تضع الماء في كوبها فتسقط رائحة نفسها