سيكولوجيا يقول علماء : ان الافراط في القسم والحلف وغليظ الايمان هو مؤشر لضعف بالشخصية وعدم ثقة، وان هناك ازمة صدق، وان الكلام على ظاهر دلالته لا يكفي فلا بد من اقترانه بزوائد وروافع ومدعمات لكي ينال الثقة والتصديق.
و ازمة مزمنة في الكلام العام، ما هو سياسي واجتماعي وديني.. اسمع اشخاصا، سياسيين وقادة رأي عام ووجهاء بمناسبة ودون مناسبة يرمي بالايمان وغليظ الايمان، ويحلف بشرفه وشرف والديه بناته واخواته..
كلما سمعت كلاما عاما مقرونا بالقسم وحلف الايمان اضع خطوطا حمراء تحت الكلام واعيد تسطيره، واسمعه بتأمل وتعمق لكي اكتشف مفاصل وفواصل الكذب والخداع والنفاق في الكلام المرسل.
الناس انعدمت ثقتهم بكل ما هو رسمي وشبه رسمي وقريب من الرسمي، وهناك شخصيات تنتمي الى طبقة النخبة، والله لو قالوا ان الشمس تشرق من الشرق لكذبهم الاردنيون، وانكروا حقيقة كونية و فلكية وطبيعية.
في النطاق الاردني، وتفاقم ازمة الثقة بين الناس والنخبة والطبقة السياسية، اتذكر من تراثنا المحكي قصة الراعي والذئب، وما خلص اليه الراعي عندما فقد في لحظة الازمة والمحنة ثقة اهله وفزعته، وخاب امله بالعون والمساعدة، وخسر شرطا اساسيا من اخلاقيات الصدق والثقة العامة.
والازمة مزمنة عندما تسمع سياسيا في محاضرة عامة يحلف ويقسم بالايمان.. وكما لو انه يقول للناس «الجمهور « اعرف انكم لا تصدقوني، واعرف اني اكذب، واعرف ان اقنعتي عارية وعوراء، واعرف اني الاعور الدجال.
فلماذا يصرون اذن على الكلام ؟ سؤال لابد من طرحه في مواجهة ازمة الثقة العامة بين المواطن والطبقة السياسية والنخبة، والثقة المعدومة والضعيفة بين المواطن والرواية والخطاب الرسمي.
كتب الكثير عن ازمة الثقة العامة، وكما لو ان الكلام لا يفضح الحقيقة، وان عدم الاعتراف بحقيقة الازمة يعني انه يسترها ويخفيها، وبانكارها تكبر وتتعاظم وتتفجر ، وحتى انه يتحول الى حالة من الاستعصاء السياسي العام، وهذا ما اتوخى دائما التحذير من توابعه وعواقبه في العلاقة بين المواطن والحكومة والاجهزة الرسمية «السلطة « واخواتها.
من عوارض عدم الثقة العامة، ان الحكومة والعقل الرسمي يفكر ان كل ما يقال ويحكى مجرد كلام، وانه كلام رخيص ومجاني، ولا يستحق ان يسمع له ويناقش ويدخل الى مختبرات التحليل والرصد.
و اخطر ما يزيد ازمة الثقة العامة ما يتعلق بالسياسة والاقتصاد، وتفاصيل الحياة اليومية، وعندما تكبر وتثقل الضائقة الاقتصادية والمعيشية، وعندما تطلب الحكومات من الناس التقدم والتحزم درجة من الصبر والتقشف في سبيل قادم سيئ وقاس، وتستيقظ بعد حين من سباتها، فاذا الناس اصلا يعيشون على الشح والقلة والعدم، فاي غد قادم يمكن ان نفكره به، يا رعاكم الله !