كعادتي أستيقظ مطلع الفجرِ لإقامة الصّلاة في وقتها ، ثمَّ أقصدُ باب الكريم باحثًا عن رزقي الّذي أسعى له لبناء مستقبلي الّذي حتمًا سيكون مزهرًا بإنجازاتي ، في الوقتِ ذاته عند مروري بالطُّرق أحدّق في طيّات وجوه المارة؛ أحدهم هناك شابًا وسيمًا ذا عينان بلون البُن اليمني طالبًا للعلم يحمل كتبًا ورسالة سمحة عظيمة ، وآخرى طبيبة ارتدت لون السّلام، على أزقة الرصيف طفل ينظر لبائع البالونات بشغف كبير.
وهنا أُم موظفة ترتدي لباس العزّ والستر والكرامة تأخذ بيد فلذة كبدها لمسقبله ولمستقبل أجيال ستقوم على يده يومَا ما ، أما في الجانب الآخر من الطّريق أباء يسعون بكدٍّ ورهقٍ لتأمين أبسط مقتضيات الحياة " لقمة العيش" .
أستذكر في هذا الوقت الصعب اقتصاديًا ونفسيًا وهن الأمهات وجهد الأباء متمتمًا في نفسي بصلوات ودعوات أرفعها للباري "اللهم كن عونًا لكل من قصد بابك ، اللهم ارزق كلّ من طلب الحلال في مناكب الأرض، اللهم اجزي والدينا عنّا جنان الفردوس الأعلى ".
تعود بي ذاكرتي للتساؤل ، لما كلّ هذا الجهد ولمن يبذل ، ما الدّافع وراء كلّ ذلك ؟
ما السّر العظيم وراء كل قلب يسعى في مناكب الأرض لبناء مستقبله ؟
أهو الطّموح ؟
أم الأمل ؟
أم الحاجة ؟
أم الفطرة الّتي جُبلنا عليها منذُالأزل !
أم الحُبّ الذي نسعى للحفاظ عليه بشموع عمرنا وزهرة شبابنا في ظلمة هذا الزمن ووحشته!
أم إسلامي الذي يقول (فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)؟
أم هو المثل الّذي يقول "الكدّ قبل المَد "؟
رغم كلّ تلك الأسئلة فأن الأمل في الأنفس زيّن المكان
فالحمد لله دائماً وأبداً على نعمة العمَل الذي يقودنا للجنة