ترجع كلمة البِطالة في اللغة العربية بكسر الباء إلى الفعل بَطَلَ أو بَطُلَ، أما البَطالة بفتح الباء فهي مصدر بَطَلَ، وفي الحالتين فإنّها تعني التعطّل عن العمل والقعود عنه، أو عدم توافر العمل للراغبين فيه والقادرين عليه، أو الحالة التي لا يوجد فيها وظائف يبحث عنها الناس، ويُقال يوم بَطالة أيّ يوم عطلة.
ويُطلق مصطلح البطالة على حالة الأشخاص الذين ليس لديهم وظيفة يُمارسونها، ولم يتمكّنوا من الانخراط في القوى العاملة الفعّالة في المجتمع، حيث إنّهم يسعون للحصول على وظيفة باستمرار، ويرتبط مصطلح البطالة بالقدرة على ممارسة العمل، مع ضرورة سعي الشخص لإيجاد فرصة للعمل.
تعريف البطالة سياسيًا
تُعرف البطالة سياسيّاً بأنّها التوقف عن العمل أو عدم توافر الإمكانيات لدى الدولة لتشغيل الأيدي العاملة، ويعود السبب في ذلك إلى الوضع الاقتصادي ضمن مهنة معينة أو مؤسسة، وبعض السياسات الحكوميّة التي لا تتدخّل في تأمين العمل، وتباطؤ النشاط الاقتصاديّ، وغيرها، أمّا التعريف القانونيّ للبطالة فيُختصر بأنّه انعدام العمل أو المورد الشخصيّ الكافي لإعالة النفس والعائلة.
أول ظهور لمفهوم البطالة
ظهر مصطلح البطالة لأوّل مرّة تاريخيّاً منذ بدايات القرن السابع عشر الميلاديّ، حيثُ كان يُقصد به التعطّل بشكل مؤقّت عن العمل، وقد اتّخذ المصطلح صيغته الجماعيّة منذ عام 1782م، أمّا التعريف الحديث للبطالة فقد ظهرَ في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، حيثُ أضيفَ على تعريف المصطلح؛ الأشخاص الذين لا يعملون ولكنّهم يبحثون بشكل مستمر عن عمل، وقد أجريَ أوّل تعداد للبطالة في عام 1937م.
تعريف العاطل عن العمل
يُمكن تعريف الشخص العاطل عن العمل بحسب منظمة العمل الدوليّة بأنّه كلّ من هو قادر على العمل، وراغب فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مستوى الأجر السائد، ولكن دون جدوى، إذ لا يُمكن استخدام مصطلح البطالة للدلالة على الأشخاص العاطلين عن العمل فقط لأنهم لا يعملون، فقد يكونون أطفالاً، أو كباراً في السنّ، أو مرضى، أو عاجزين، أو متقاعدين.
تعريف معدّل البطالة
يُعرف معدل البطالة بأنّه النسبة المئويّة للأشخاص العاطلين عن العمل، ولحساب معدّل البطالة لا بدّ من معرفة عدد الأشخاص في القوى العاملة، حيثُ تشمل القوى العاملة الأشخاص الذينَ يمتلكونَ وظيفة، مع ضرورة معرفة مقدار العمل مدفوع الأجر الذي يحتاجه شخص ما حتّى يُعتبر أنّ لديه وظيفة، بالإضافة للأشخاص العاطلين عن العمل.
ترتبط البطالة بالأشخاص الذينَ لديهم الرغبة أو القدرة أو المؤهلات للقيام بوظيفة مدفوعة الأجر، وهم يندرجون تحت مسمّى القوى العاملة، ولحساب معدّل البطالة رياضيّاً يُمكن اعتماد المعادلة التالية:
(عدد الأشخاص العاطلين على العمل/عدد القوى العاملة)*100%.
يُعدّ معدّل البطالة أكثر المقاييس شهرةً في سوق العمل، إذ تكمن أهميّته في عرضه للقوى العاملة المؤهلة للعمل، ولكونه مؤشّراً يدلّ على كفاءة وفعالية الاقتصاد في الدولة، ويصف مدى جودة أداء سوق العمل، حيث يعكس قدرة أو عدم قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل كافية للأشخاص المؤهلين للعمل أو الذين يرغبون في الحصول على وظيفة.
أنواع البطالة
هناك عدّة أنواع للبطالة، وهيَ كما يأتي:
البطالة الاحتكاكية: تحدث البطالة الاحتكاكية عندما تكون كميّة العمالة المطلوبة غير مساوية لكمية العمالة المتاحة، وتكمن المشكلة في عدم وصول الأشخاص الباحثين عن العمل وأصحاب العمل الباحثين عن عمّال لبعضهم البعض.
البطالة الهيكلية: هي البطالة التي تنتج عن عدم توافق المؤهلات التي يمتلكها العمّال مع تلكَ التي يطلبها أصحاب العمل، على الرغم من أنّ الوظائف المتاحة أحياناً تكون مساويةً لعدد الأشخاص العاطلين عن العمل، ومن أسباب البطالة الهيكليّة التغيّر التكنولوجيّ، وإقبال عدد قليل أو كبير على تعلّم واكتساب مهارة معيّنة.
البطالة الدورية: يُقصد بها البطالة التي تحدث عد تجاوز المستوى الطبيعيّ للعمالة، حيثُ يختلف المستوى الطبيعيّ للعمالة بحسب تغيّر الظروف، مثل التضخمّ الديموغرافيّ الذي يحدث عند قدوم الوافدين الجدد وإضافتهم إلى القوى العاملة في الدولة.
البطالة الناقصة: تحدث عندما يرغب الموظفّون بالعمل لساعات أطول، وترتفع نسبة هذه البطالة في المؤسسات التي يعمل أغلب موظفيها بدوام جزئيّ.
البطالة الخفية: هيَ البطالة التي تغفل عن احتساب بعض الأشخاص العاطلين عن العمل في إحصاءات سوق العمل الرسميّة، مثل الأشخاص الذينَ بحثوا عن وظيفة لوقتٍ طويلٍ حتّى فقدوا الأمل لكنّ رغبتهم في العمل لا تزال موجودة.
البطالة الموسمية: يُقصد بها البطالة التي تتعلّق ببعض الوظائف المتربطة ببعض المواسم، والتي يُصبح أصحابها عاطلين عن العمل في غير مواسمها.
نتائج البطالة
تنعكس البطالة المرتفعة والثابتة بشكل سلبي على عدّة أصعدة في الدولة، ومن أبرزها ما يلي:
فمن الناحية الاقتصاديّة تؤثّر البطالة بشكلٍ سلبيٍّ على النمو الاقتصاديّ للدولة على المدى الطويل، حيثُ إنّها تهدر الموارد.
لها آثار سلبيّة على الفرد في المجتمع، حيثُ يُصبح الأفراد غير قادرين على تسديد التزاماتهم الماليّة، فينتج عن ذلكَ تعرّضهم للضغط النفسيّ، والإصابة بالأمراض، والتشرّد، وارتفاع نسبة الفقر، وفقدان رأس المال البشريّ، ويحدث ذلك عندما يقبل الأفراد العمل دون مستوى مهاراتهم للحصول على الأموال.
على الصعيد الاجتماعيّ والسياسيّ فإنّ ارتفاع معدلات البطالة قد يؤدّي إلى الاضطرابات المدنيّة والصراعات.
حلول لمشكلة البطالة
يُمكن اتّباع عدد من الاستراتيجّات التي تُقدّم حلولاً لمشكلة البطالة، منها ما يلي:
اللجوء لسياسات جانب الطلب والتي تحدّ من البطالة الناتجة عن الركود أي تلكَ التي ينقصها الطلب.
اتّباع سياسات جانب العرض والتي تُقلّل البطالة الهيكليّة.
اتباع السياسة النقديّة التي تدعو إلى خفض أسعار الفائدة لتعزيز الطلب الكليّ، والسياسة الماليّة التي تهدف لخفض الضرائب لتعزيز الطلب الكليّ.
رفع مستوى التعليم والمهارات ومتطلبات الوظائف من خلال تدريب القوى العاملة، ممّا يُساعد على كسر الجمود المهنيّ وبالتالي الحدّ من البطالة الهيكليّة.
تشجيع الشركات على الاستثمار في المناطق المنكوبة.
خفض الحدّ الأدنى للأجور.
جعل أسواق العمل أكثر مرونةً من خلال التخلّص من القوانين التي تُصعّب توظيف العمّال وتُساعد على فصلهم.