في ضوء ما طرح على هذا المنبر، وهو منبر حر، حري بي وانا تابع ان ألفت نظر أبناء العمومة إلى أن ماحص الخير كانت منازل لكل الخيرين، واذكر هنا خاطرة وثقت فيها بعض هذا الوفاء لمدينة ماحص وعلاقتها بأخواتها في عيرا ويرقا وبدر، ومما أوردته فيها:(بين القريتين)
بين القريتين رواية ليست للمبدع نجيب محفوظ، ولا تمثل الجزء الثاني من روايته المشهوره بين القصرين، إنها رواية كنت واحدا من شخوصها الكثر، ودارت أحداثها في بعد زماني ارتبط بمعركة الكرامه آذار 1968م، أي بعد نحو عام من نكسة حزيران 1967م، وحتى اليوم وغدا، ولم أكن قد ولدت بعد.
أما عنصر المكان فقد كان الأبرز من عناصر الرواية، إذ امتد بين بلدتي ماحص ويرقا وعيرا للضرورة التاريخية والجغرافية، التي تمثل لحمة اجتناعية ثقافية تسير على نسق واحد.
ويمكن أن أقتطف الحوار الآتي من الرواية، وهوحوار- غالبا- ما يكون إجابة عن سؤال:
" من وين ألاخ ؟
من الطويقات.
- السائل: من يرقا وعيرا ؟
- نعم لكن من سكان ماحص
- طويقات ماحص؟
- نعم لكن جذوري يرقا
- آه يرقا وعيرا أعرفها
- نعم يرقا وعيرا
وهي أجابه محيره للمجيب اكثر منها للسائل؛ لأنني كنت أعتقد دائماً أن المحب لا يكون صادقاً في حبه إذا كان يحمل حبا لاثنتين، وأجد في قول المصطفى عليه السلام: ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه.
وهنا عقدة الروايه ان تعشق اثنتين؛ ماحص رأيت نور البصيره فيها، سرت بين محرابها القديم وطريق العين ماشياً منتشياً، متعلقاً بخرير ماء عينها الندي، وما يزال ذلك الخرير يرنم في خاطري، كنت اسمعه في ساحة المدرسه المجاوره لها تحت مسمى" ماحص الأساسية"، وأنا " أتزحلق" على درجها الطويل برفقة الطلبة، وبجانبها كومة رمل ظلت ملعبا حتى انهيت الصف الرابع فيها.
ولقد كنت ابتاع من دكان "الاسمر"- رحمه الله– ولطيبه لا أعلم هل انا التاجر ام هو؛ لقد كنت الرابح دوماً.
حين ياخذك المسير في طرقات ماحص تلتفت هنا وهناك فتجد وجوها عطرها الندى، قد أضفى عليها الطيب رونقا جميلاً، وترى في وجوه أخرى ألفة ما عرفت الكدر والعبس، تبرز الثنايايا عن الياسمين، وحين تصافح أيديهم تصافح الصفصاف، لقد ملكوا قلبي وملكت ودهم.
وينازعني هذا الشوق أهل في يرقا وعيرا، لا يسر الخاطر إلا وقد وفدت وادي شعيب وطوّفت بالخال أبو زياد الجروان، رفيد القوم و"مرحب الضيفان".
في يرقا أشعر أن ناقتي حلت رحلها واستقرت، فلا بعد ولا نأي، ويطيب السامر والسمر، ترى الشموخ في بيوتها والأنفة في ملامح رجالها، هنا الرجولة مكتملة. هنا ماحص هنا يرقا، هنا كبدي هنا قلبي. واختر عزيزي أيهما أغلى القلب أم الكبد،. أم أنك ستبقى نزيع الشوق مثلي بين القلب والكبد،
وستدرك أن الرواية لم تنته بعد، وشخوصها في تزايد وأحداثها مستمرة، ولا شك أن الرواية رومانسية وأبطالها كثر، ولهم في كل يوم مقال.