على سبيل المثال شهدت محافظة الطفيلة يوم أمس الأول هطول امطار رعدية غزيرة استمرت لنحو 20 دقيقة وقد قدرت دائرة الأرصاد الجوية الكمية بنحو 40 ملم فماذا يعني ذلك ؟ .
يعني ذلك ان كل متر مربع من مساحة محافظة الطفيلة قد هطل عليه 48 مترا مكعبا من مياه الأمطار وبالمحصلة فان ذلك يعني انه قد هطل على محافظة الطفيلة التي تبلغ مساحتها نحو 2,209 كم² ما يقارب من 2,209,000,000 متر مكعب فأين ذهب هذه الكميات الضخمة ؟
المعلومة الأخرى أن المملكة الأردنية الهاشمية التي تعد من أفقر دول العالم التي تعاني من فقر مدقع بالمياه
نظرا لواقعها المائي وشحّ مصادره والطلب المتزايد على المياه نتيجة التنامي السريع في عدد سكانها جراء الهجرات اليها والتي فرضتها اضطرابات اقليمية يهطل عليها سنويا ما يقارب 8400 مليون متر مكعب يفقد منها بالتبخر ما يزيد عن 85 % ورشحا في الأرض ما بين 5 – 11 % ونحو 2-4 % يذهب جريانا سطحيا الى المناطق المنخفض وهي الكميات التي يُمكن الاستفادة منها مع جزء من الكميات التي تضيع بالتبخر وذلك بالتخزين في السدود والحفائر الترابية غير ان الجهود الرسمية للاستفادة من الكميات التي تذهب هدرا ما زالت شبه متواضعة .
فعلى مستوى السدود وفقا لبيانات رسمية يوجد في الأردن نحو 14 سدا رئيسيا الى جانب ما يزيد قليلا عن 100 حفيرة ترابية لتخزين المياه وهي بمجملها بالكاد تستوعب ما نسبته 10 % من الكميات التي تهطل سنويا فيما اشارت الدراسات الى ان معدل العطول المطري طويل الأمد الذي يقاس على مدار 50 سنة الماضية يبلغ نحو 8.3 مليار م3 .
اذا المشكلة بالنسبة للتحديات المائية التي يواجهها الأردن لا تنحصر في الموارد الطبيعية من مياه جوفية وخلافه بل في ضعف تعامل الأدارات المختصة مع الكم الكبير من المياه التي تهطل سنويا فعلى وأعتقد انه لو تم مضاعفة نسبة الاستفادة من المياه التي تهطل سنويا لتصبح 20 % فان ذلك يُعتبر خطوة في الإتجاه الصحيح لمواجه هذا التحدي القائم منذ سنوات . .
الملفت بحسب بيانات وتصريحات رسمية ان السعة التخزينية للسدود في الأردن تتراجع سنويا لعوامل تراكم الرسوبيات والطمي وقد تراجعت سعتها التخزينية وفقا لبيانات العام الماضي من 336 مليونا و419 الف متر مكعب الى 280 مليونا و 760 الف متر مكعب .
بتقديري اننا بحاجة الى خطة خمسية لمضاعة التخزين من مياه الأمطار الى جانب اطلاق حملة وطنية للتشجير والذي يُعد عاملا رئيسيا يساعد على امتصاص الصوت في المناطق الرملية الصحراوية وتثبيت التربة ومنع زحف الرمال إلى مناطق أخرى وتقليل التصحر وتعرية التربة وتخفيف مضار شدة الرياح الى جانب أهمية ذلك في زيادة خصوبة التربة .
ويساعدنا على ذلك أمرين الأول الطبيعة الجغرافية الغالبة والتي تسمح باقامة السدود في الأودية السحيقة بتكاليف متواضعة والثاني تكثيف اقامة الحفائر الترابية بآليات قواتنا المسلحة والذي يتطلب خطوات اجرائية عابرة للحكومات تستند على خطة متوسط الأمد ودعم موازنات الجيش ووزارات المياه والزراعة والبيئة ضمن اشترطات تحقق هذه الغاية الى جانب الشروع بالتزامن بعمل دراسات لخصائص الأراضي لتحديد الصالح منها للزراعة على ان يتم تنظيمها زراعيا كوحدات يتم توزيعها على من يرغب من الباحثين عن العمل على ان يرافقه دعم من مؤسسة الإقراض الزراعي بقروض من دون فوائد وتقديم حوافز تنتهي بتمليك هذه الوحدات لمن يثبت قدرتهم على حسن استغلالها .