صباح يوم الخميس الحادي والثلاثين من آذار 2016 ارتقت روح ولدي الرائد الطيار معاذ بني
فارس الى بارئها شهيدا بإذن الله بعد أن هوت طائرته في رحلة تدريبة كان خلالها يقوم بتدريب زميله النقيب الطيار أشرف طيفور والذي دخل في غيبوبة والتحق برفيق دربه بعد شهرٍ كامل رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته.
كان استشهادك يا ولدي في آذار ، ذكرى معركة الكرامة الخالدة والتي سطر فيها زملاءك في الجيش العربي الباسل أروع ملاحم البطولة والتضحيات في صدّ العدوان الاسرائيلي الغاشم على تراب الاردن الطهور وأوقعوا في جيشه الخسائر الفادحة وحطموا أسطورة الجيش الذي لا يهزم ………وفي هذه المعركة الحاسمة سبقك الى شرف الشهادة كوكبة من ابناء الوطن البواسل ….. فسلامٌ على ارواحهم الطاهرة ودماءهم الزكية …..ويحضرني في هذه المناسبة هذه أبيات لسعادة السفير ابراهيم العوادة عن الشهداء :
نَشـامَىٰ يَبْذِلونَ النَّفْسَ طَوْعـاً
وعندَهُمُ افتـداءُ الأَرْضِ عــادةْ
يُجيــدونَ ارتقـاءَ المجـدِ دوماً
وهل بَعْدَ الشَّهادةِ مِنْ إجـادةْ؟
ونَنْقُصُ واحـداً، فنزيـدُ فَـخْــراً
وبَعْضُ الـنَّـقْـصِ تَتْبَعُـهُ زيـادَةْ
نُغنِّـي مجـدَهـم أحيـاءَ، حتَّىٰ
إذا ارتَـحَـلـوا، نُسَـجِّـلُهـا وِلادةْ
نفتقدك يا ابا هاشم في هذا الشهر الفضيل ، شهر رمضان المبارك الذي اعتدنا فيه اجتماع العائلة على مائدة الافطار في اليوم الاول منه وكم كان مؤلما غيابك على الرغم من حضور زوجتك وهاشم وأخواته ….. لا أحد يملئ فراغك يا شطر روحي ، رمضانك بإذن الله في الجنة مع النبين والصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا ……هذا وعد الله لمن ضحوا بدمائهم رخيصة من أجل أوطانهم ….. { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } … صدق الله العظيم
ماكنت أعلم أننا ذات يوم سنفترق وأن عيني ستدمع من أجلك..كنت أحسب دوما أن أجلي سيسبق أجلك ولكنها إرادة الله ياولدي ، إصطفاك للقائه قبلي وانت إبن الثلاثة والثلاثين ربيعاً لكي اتجّرع غصتك ويحترق قلبي شوقا اليك .
وغايةُ النفسِ في سفر المدامع
أن يُبكىَ عليَّ ولا أبكي على ولدي
ابا هاشم
لو كنت أعلم أنك لن تعود ثانية لضممتك الى صدري أكثر ولقّبلتك اكثر في يوم الاربعاء من الاسبوع الذي سبق استشهادك حيث كنت أنا وأمُك في زيارتك ……اهٍ ما أثمن تلك الزيارة !!!….. وحين استرجع تفاصيلها يتمزق قلبي ألماً عندما أتذكر ونحن نستعد للمغادرة كيف أنك أصريتَ على أن تُلبسني حذائي وتربطه …. أي برٍ هذا يا أبا هاشم ؟؟؟ ….رضي الله عنك وأرضاك يا قطعة من روحي
معـاذُ عيـنيَ رمـداءٌ ٌدهى بهما
قَذْيٌّ تلاشى على آثاره البصرُ
لولا القضاءُ لَمَا سالتْ مدامِعُنا
حكمُ الإلٰه،وذاكَ الحكمُ والقدرُ
اليومَ نودِعُ في الاجداثِ مهجتنا
وفي الغداةِ علينا الدورُ ينتظرُ
سلامْ على روحك يا أبا هاشم ….وسلامٌ على ابتسامتك …وسلامٌ على خطواتك تعرج بها فوق الغيم ... سلامٌ على بِزَتكَ العسكرية وأنت تحتضن الخوذة متأهبا للتحليق في سماء الوطن الغالي…..وسلامٌ على دقات قلبك كم صَمَدت وانت تحلّق عاليا وتدعو ربك السلام…..سلامٌ على مرقدكَ في الأشرفية مسقط رأسك والذي لايبعد كثيراً عن ضريح سيدنا معاذ بن جبل في الشونة الشمالية والذي سميتك باسمه تيمنا به.