ربما كانت هذه من أقسى الكلمات التي تفوه بها الفريسيون في أحد الشعانين عندما رأوا كيف التفت الجماهير حول المسيح مهللة به كالآتي بإسم الرب.
فبغض النظر عن الدوافع وراء ذلك التهليل، وكل له دافعه وله فكره وله تصوره وله رؤياه وله طموحه، لكن الجموع الغفيرة قد ذهبت وراءة مما أغاظ الفريسيون من هذا الإستقطاب الكبير الذي حققه المسيح بإتباع الجماهير الغفيرة له.
طبعا، كان لحياة المسيح التي عاشها في خدمته العلنية بعد إنطلاقة خدمته من ضفاف الضفة الشرقية لنهر الأردن بعد عمّاده من يوحنا المعمدان الدور الأساسي في إستقطاب الجماهير حوله. يصف الكتاب المقدس خدمة المسيح بقوله " وصال يصنع خيراً ويشفي كل مرض في الشعب". فالخير هو عنوان خدمة المسيح وبركة الشفاء كذلك، .. وهذان الأمران هما في صلب رسالة الكنيسة وهما السبب في إستقطاب الناس إلى الكنيسة وإلى محبة المسيح، وبفقدان هذا الدور الهام في صنع الخير ومنح شفاء النفس تفقد المؤسسة الدينية عمق رسالتها وأهمية وجودها وسبب تكليفها من السيد والمعلم. وتحتاج الكنيسة على الدوام أن تراجع ذاتها وتعرف أين نجحت وأين أخفقت وأن تعيش حالة إصلاح دائم، فوجودها مرهون برسالتها التي تعيش لأجلها لتظهر عمق المحبة التي كانت الدافع وراء خدمة المسيح ورسالة المسيح التي لم تفرّق بين رجل وإمراة، بين طفل وكهل، بين يهودي ويوناني، بين مسؤول وإنسان عادي بسيط، بين قوي وضعيف، بين غني وفقير، بل كانت رسالته كانت رسالةَ المحبة الشاملة لكل الناس لأن محبة الله تتسع للجميع وتوقظ قلوب الجميع ليسود المجتمع حالة من التكامل والتكاتف والعدالة والمساواة والكرامة الإنسانية.
فماذا يحتاج العالم اليوم وعن ماذا يبحث؟ إنه يحتاج إلى من يسعى ليعطي لا ليأخذ، يبحث عن من تكون حياتُه حياةَ خدمةٍ لا تقيم حدوداً ولا حواجز ولا تصنيفات بشرية عنصرية بغيضفة ضيقة، تسعى وراء من تمتلك المحبةُ قلبَه وتكون رسالتُه في الحياة تخفيفَ معاناة الناس وآلامهم ومساعدتهم للنهوض من كبوتهم وأحزانهم. هذا من تذهب الناس وراءه اليوم.