ما يدور في السودان من اقتتال لا يصب إلا في مصلحة الشيطان الذي يعربد في التفاصيل؛ وليتها مجرد كوابيس تباغتنا بينما السودان بخير وسلام! لكنها الحقيقة الصادمة التي يأنفها المنطق.. فالقتال هو الخيار الذي لم تصمد أمامه هدنةُ الثلاثة أيام العجاف، التي أغلقت في ظلها الكئيب الأبوابُ على كل الحلول المتاحة المرتجاه.. فاعقبها حمام دم سخي دون انقطاع.
وكان ينبغي على العقلاء إدراك بأن أيّ هدنة مؤقتة بين طرفين متنازعين دون مفاوضات إنما هي استثمار للوقت من أجل تقيم الوضع العسكري لكل جانب، وإعادة الانتشار بغية التصعيد كما حدث في السودان.. فبعد هدنة الثلاثة أيام احتدمت المعارك وتضاعف عدد الضحايا.
واللافت أن قوات التدخل السريع تستحكم بالأحياء السكنية في كافة المدن لتحييد القوة الضاربة للجيش السوداني واتخاذ المواطنين كرهائن في حرب ضروس لا تبقي ولا تذر.
هؤلاء هم تجار الموت الذين حولوا ثروات السودان بدلاً من معطيات للتنمية إلى نقمة على العباد.
ولا استبعد أن ينبت للأفعى قرون أخرى تنافس الخصمين في الأزمة السودانية على كعكة الوطن.. فيما يدفع الشعب السوداني فاتورة الدم دون أن يكون له ذنب في الكارثة التي يشهدها السودان.
فقط! يحتاج السودان بمكوناته المتشرذمة، إلى عقل سخي بعطائه لصالح وحدة السودان ومصالحه العليا، بعيداً عن أنانية القادة وشبقهم الشهواني لملذات الثأر البيني.. ولو أدّى الأمر إلى تدمير السودان وتبديد ما سيتبقى من ثرواته.
كيف يختار عاقل الأرضَ اليبابَ والحديقةُ مشرعةُ الأبواب في وجهه الذي غطته الحيرة بالاكتئاب!
ألا يعقب اقتتال الإخوة حصاد الشر الذي لا يثمر سوى الحنظل إن لم تأت نيران الحقد على الهشيم!
ومن قال حينها بأن الطامعين الملطخة أياديهم بدماء الأبرياء (كالصهيونية) سوف يخمدون النار دون أن يستوطنوا في قلب الحكاية ويستملكوا حصاد ما اقترفت أيادي الضّالين من خيبات! فخيبة السودانيين حينها بالنسبة لأعدائهم كروم مثقلة العناقيد.
فهل من عاقل يوقف الحرب، ويقطع دابر كل من تسوله نفسه العربدة في تفاصيل الشأن الداخلي كالاحتلال الإسرائيلي ومن يدور في فلكه من المطبعين.. ومن ثم بناء السودان المزدهر، واستغلال مُقَدَّراتِه لأجل مستقبل الأجيال القادمة!
اللهم أنصر السودان على من يعاديه ويسخر له العقلاء المخلصين.