الظروف السياسية الصعبة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط وانتشار جائحة كورونا ألقت بظلالها على الاقتصاد بالمنطقة عامة وبالأردن خاصة حيث بلغت المديونية والعجز في الموازنة مستويات غير مسبوقة،مما أدى إلى مستويات نمو قليلة وزيادة نسبة البطالة ووصول معدلات الفقر إلى نسبة 20%. الأسعار ما زالت في ارتفاع مستمر والقوة الشرائية للدينار في انحدار، الرواتب تتآكل والمواطن يعاني ، حيث بات غير قادر على تلبية المتطلبات الاساسية والعديد من الأسر مكبلة بالديون، وحتى الفئات التي كانت تصنف ضمن فئة الطبقة الوسطى في المجتمع باتت تعاني وتواجه خط الفقر. كل ما سبق يؤكد وجود مشكلة اقتصادية كبيرة تستدعي إيجاد خطة حكومية تحمل حلول تضمن للمواطن عيش حياة كريمة .
تقول الحكومة :" أنها تسير بالاتجاه الإصلاحي وحققت أجندات كانت من أهدافها"، لماذا إذن لا ينعكس على الاقتصاد ويقلل البطالة والعجز والمديونية ويزيد الصادرات والتوظيف الجديد والمشاريع الاستثمارية والبنية التحتية ؟
إن ما يدور بالاقتصاد هو إصلاح بالقطعة، وبعيد كل البعد عن التنمية، وهو نمو لا تنمية، تستفيد من عوائدها قطاعات محدودة للغاية، بدليل أن جميع المؤشرات الكلية الاقتصادية في تراجع رغم مظلة الإصلاح الموجودة ضمن اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي .
ما زاد الطين بلة هو انتهاء العمل بأمر الدفاع رقم 28 الذي أصدره رئيس الوزراء عام 2021 المتضمن عدم حبس المدين، للحد من تداعيات جائحة كورونا وآثارها على المواطنين ،وقد جرى تمديد العمل بالقرار إلى أن أوقف العمل به اعتبارًا من يوم الأحد، رغم وجود مطالبات من عدة قطاعات ، ومن بينها أعضاء في مجلس النواب لتمديده مرة أخرى من باب تخفيف الأعباء عن عشرات الآلاف وتجنبهم عقوبة الحبس.
المشكلة الحقيقية،بأن الاقتصاد الأردني بشقيه العام والخاص لم يعد قادرًا على خلق فرص عمل جديدة ، علماً بأن هناك ما يزيد على 156 ألف شخص يدخلون سوق العمل سنويًا، ومنهم 86 ألف خريج من الجامعات يجملون درجات البكالوريوس والماجستير،تضاف إلى ذلك المحدودية التي تواجه هؤلاء الخريجين في الأسواق الخارجية وتحديدًا في منطقة الخليج العربي التي بدأت منذ سنوات قليلة بتطبيق سياسات تشغيلية خاصة لمواطنيها، وإضافة تراجع الأوضاع الاقتصادية في بعض الدول نتيجة جائحة كورونا وتقلبات سعر النفط .
لا بد للإعلام أن يكون قادرًا على نقل الصورة الحقيقية للأردن، فرغم استقبال العديد من اللاجئين وتحمله لكلفة كبيرة لم تغطيها المنح والمساعدات بشكل كافي نتيجة للعدد الكبير من اللاجئين إلا أن الأردن ينعم ببيئة آمنة ومستقرة، وبالتالي من المهم أن يقوم الإعلام بالوقوف إلى جانب الاقتصاد من خلال نقل صورة واضحة بما ينعم به الأردن من استقرار أمني داخلي وهذا يجب عكسه إعلاميًا سواء على المستوى الدولي أو العالمي لأن ذلك يعتبر محفز ومشجع على جذب المستثمرين الخارجين، فمع كل قوانين الاستثمار الجاذبة يتطلع المستثمرون إلى بيئة ينعم باستقرار أمني لضمان الاستمرار وتحقيق العائدات للاستثمارات .
إن حل الأزمة الاقتصادية الصعبة يجب أن لا يلقى عبء ظلاله على المواطن في مزيد من الضرائب أو ارتفاع الأسعار بل الأجدر تقليص النفقات الحكومية وبما أن العجز هو زيادة المصاريف على العائدات وبالتالي على الحكومة الأخذ بكل الطرق تقليص النفقات من خلال دمج بعض الهيئات والمؤسسات الحكومية وتقليص ومراقبة وضبط بنود موازنات الوزارات المختلفة وإلغاء مصاريف الحفلات والولائم والمناومات وغيره من المصاريف النثرية المختلفة .إذا كان لا بد من زيادة ضرائب لزيادة العائدات فلتستهدف أصحاب الملايين وذوي الشرائح العالية من الدخل لابد من متابعة كل قضايا التهرب الضريبي وضبط كل حركات الفهلوة، وهذا يعني باختصار محاربة الفساد