تسارعت خلال الأيام الماضية الأحداث المتعلقة بتطبيق قانون الدفاع رقم (13) لسنة 1992، حيث جرى وقف العمل وبشكل حكمي بأمر الدفاع رقم (28) لسنة 2021 الخاص بتأجيل تنفيذ قرارات حبس المدين ووقف تنفيذ الأحكام الجزائية في الجرائم المتعلقة بإصدار شيك لا يقابله رصيد.
كما أعلنت منظمة الصحة العالمية انتهاء حالة الطوارئ الدولية المرتبطة بفيروس كورونا.
ونتيجة لذلك، فقد تعالت الأصوات السياسية والشعبية المنادية بوقف العمل بقانون الدفاع الذي أكمل ثلاث سنوات من التطبيق الفعلي، معتبرة أنه لم تعد هناك أي حاجة لاستمرارية العمل به في ظل عودة الظروف والأحوال العامة إلى ما كانت عليها قبل انتشار جائحة كورونا.
إن هذه المطالبات التي تدعو إلى إنهاء العمل بقانون الدفاع تعد مشروعة بطبيعتها، وذلك بسبب انتفاء جميع المبررات التي دفعت مجلس الوزراء في شهر آذار من عام 2020 إلى إعلان العمل به، إذ حدد القرار الحكومي الصادر في ذلك الوقت الأسباب الموجبة لإعلان العمل بقانون الدفاع بأنها تشمل «ما تمر به المملكة الأردنية الهاشمية من ظروف طارئة، وبسبب إعلان منظمة الصحة العالمية انتشار وباء الكورونا، ولمحابهة هذا الوباء على المستوى الوطني وحماية السلامة العامة في جميع أنحاء المملكة».
كما يمكن الاسترشاد بالبيان الصحفي الذي ألقاه رئيس الوزراء السابق الدكتور عمر الرزاز في مركز الأزمات، الذي أعلن فيه تفعيل العمل بقانون الدفاع في ضوء صدور الإرادة الملكية السامية استنادا لأحكام المادة (124) من الدستور، والذي جاء فيه أنه «نظرا لوجود ظرف استثنائي يتطلب توفير أداة للحكومة ووسيلة إضافية لحماية الصحة العامة والحفاظ على صحة المواطنين وسلامتهم؛ أعلن تفعيل قانون الدفاع».
إن فيروس كورونا لم يعد يشكل اليوم تهديدا حقيقيا على الصحة والسلامة العامة، ولا أدل على ذلك إعلان منظمة الصحة العالمية وقف حالة الطوارئ المرتبطة بالفيروس. كما أن معظم أوامر الدفاع التي صدرت خلال السنوات الماضية تعد منتهية حكما إما بانتهاء مدتها الزمنية أو لانتفاء الغاية منها، وما تبقى من أوامر الدفاع التي لها تطبيق عملي حتى تاريخه تعد محدودة الأثر ويمكن تجاوزها.
فمن أوامر الدفاع التي لا يزال لها تأثير فعلي أمر الدفاع رقم (6) لسنة 2020 مع البلاغ رقم (8) الصادر بخصوصه، والذي ينص على تجديد عقود العمل محددة المدة تلقائيا حتى تاريخ انتهاء العمل بقانون الدفاع أو لمدة مماثلة لمدة العقد الأخير أيهما أطول، شريطة أن يكون العقد قد انتهت مدته بتاريخ 1/7/2020 وما بعده، وأن يكون العقد قد سبق وأن تم تجديده ثلاث مرات فأكثر.
كما لا يزال أمر الدفاع رقم (21) لسنة 2020 المتعلق بتبليغ الأوراق القضائية والمذكرات والبينات من خلال البريد الإلكتروني أو برسالة نصية أو باستخدام تطبيق (الواتس آب) ساريا ومطبقا، فهو يجيز تسجيل الدعاوى الجديدة والطلبات والطعون، ودفع الرسوم، وتقديم اللوائح الجوابية وكافة الاستدعاءات والطلبات والمذكرات والمرافعات إلكترونيا.
وقد توسع أمر الدفاع رقم (21) في إجراءات التقاضي بأن اعتمد التوقيع المثبت على اللوائح والمذكرات المقدمة للمحكمة باستخدام الوسائل الالكترونية، واعتبره متمتعا بالحجية ذاتها التي يتمتع بها التوقيع العادي، وأتاح المجال أمام المحاكم الوطنية لاستخدام تقنيات الاتصال المرئي والمسموع في حالات معينة.
إن هذه الأحكام الإجرائية التي جرى اعتمادها في إجراءات التقاضي بموجب أمر الدفاع السابق بحاجة إلى تضمينها التشريعات الوطنية ذات الصلة. ولهذه الغاية، فقد أقر مجلس الوزراء قبل أيام مشروع قانون معدل لقانون أصول المحاكمات المدنية لعام 2023، الذي يهدف إلى التوسع في استخدام الوسائل الإلكترونية والتقنيات الحديثة في مجال تبادل تبليغ الأوراق القضائية، وتسجيل الدعاوى وتبادل المذكرات والمرافعات الخطية.
في المقابل، فإن الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة قد شارفت على الانتهاء، حيث من المتوقع أن تصدر إرادة ملكية سامية بفضها قبل إقرار مشرع القانون المعدل للأصول المدنية. إلا أنه يمكن لجلالة الملك أن يمارس حقه الدستوري في تمديد الدورة العادية الحالية مدة ﻻ تزيد على ثلاثة أشهر لإقرار مشروع القانون المعدل وذلك سندا لأحكام المادة (78/3) من الدستور. كما يمكن دعوة مجلس الأمة إلى الاجتماع في دورة استثنائية سيكون في مقدمة أولوياتها التشريعية إقرار القانون المعدل لقانون أصول المحاكمات المدنية، وذلك بهدف تقنين أمر الدف?ع رقم (21).