انحني احتراما لفارس الارادة الدكتور حازم بشارة نايف حجازين قبل أن انحني لارادته الحديدية لان المالك أولى من المملوك بالتقدير والاحترام.
وإن أردتُ الخوض بتفاصيل يوميات عمره وسويعاتها لاصدرت كتابا لا مقالة فحسب، لذلك ساوجز ما استطعت لعلي ارسم بالكلمات فارسا يكون مثالا وقدوة في بناء الارادة نتعلم منه ألا شيء مستحيل في هذه الحياة.
-ولد عام ١٩٧٥ في بلدة ادر /الكرك، وحتى الثالثة من عمره كان طفلا طبيعيا كأي طفل صحيح سليم الجسم والعقل، لكنه اصيب بمرض ما واجريت له عملية جراحية تسببت باعاقة حركية في اطرافه ثم تعرض للعديد من العمليات الأمر ألذي حال دون التحاقه بالدراسة كباقي الأطفال.
- اصبح عمره ١١ عاما عندما ألحق بمدرسة "روضة فردوس/ادر" التابعة للبطريكية اللاتينية ، ولنتخيل معا فتى ً في الحادية عشره من عمره يجالس طلابا في الخامسة او السادسة من أعمارهم وفي ذات الصف... طلابا يركضون ويتحركون ويجلسون على المقاعد ويقفون وهو جالس بغير حراك ومدى تأثير ذلك على نفسيته .تُرى هل كانت امه الفاضلة "وردة خلف حجازين " تعلم باساليب التربية الحديثة او باحثة في علم نفس تربية الطفل كي تقرر إحضاره محمولا على الظهر أو الأكتاف ثم تجلسه على مقعد الدراسة في الصف قبل موعد حضور باقي طلبة المدرسة بنصف ساعة أو أكثر كي لا يراه التلاميذ محمولا ، فتكون نظراتهم كالسهام تنغرس في قلبه الغض او تؤذي مشاعره ونفسيته المنهكة اصلا؟!
-لم يكن لديه مقعد متحرك "ويل شير" كان كرسيه المتحرك ظهر امه او كتفيها ..وكانت تنتظر في المدرسة عند نهاية اليوم الدراسي حتى خروج آخر طالب كي لا يشاهده الطلبة محمولا.
وهكذا ظل حتى الصف السادس، أعلى صف في مدرسة فردوس ادر..
وفي ذلك الوقت استطاع والده رحمه الله ان يشتري له مقعدا متحركا وتم نقله الى مدرسة ادر الحكومية غير المؤهلة لتدريس امثاله، تلك المدرسة التي تبعد عن منزله مسافة ٢٥ دقيقة ذهابا ومثلها اياباً تحت رحمة المطر والبرد والشمس حيث تناوب ابناء عمومته وخؤولته على نقله بالكرسي المتحرك.
-في عام ١٩٩٧ قدم امتحان الثانوية العامة ،الفرع العلمي لكنه اخفق ولم يحالفه النجاح ..
عندها كاد اليأس ان يبقيه باقي العمر عالة وحبيسا في البيت ..لكن وفاة والده رحمه الله عام ٢٠٠٥ جعلته ينتفض على واقعه المرير ..فتعلم مهنة صيانة الهواتف المحمولة التي انتشرت آنذاك حتى في القرى وافتتح محلا صغيرا..يدر عليه بعض الدخل،
-وفي عام ٢٠٠٩ تعلم مهنة أخرى وهي صيانة السمّاعات الطبية في مركز تدريب في مدينة السلط، وعلى أثر ذلك تم تعيينه في مركز الأمير الحسن واصبح يتمتع بدخل شهري ثابت بالإضافة لدخل محله المتواضع
-هذا الأمر شجعه على معاودة التقدم لامتحان الثانوية العامة مجددا عام ٢٠١٢ فنجح وحصل على معدل ٧٤،٣ والتحق فورا بجامعة مؤتة لدراسة العلوم السياسية ، اما وسيلة تنقله داخل اروقة الجامعة فكانت مقعدا كهربائيا قدمه المجلس الأعلى لذوي الاحتياجات الخاصة.. وأثناء الدراسة الجامعية عمل في إذاعة صوت الكرك التي تبث برنامج فرسان الاراده الذي كان يعنى ببعض مشكلات ذوي الإعاقة والبحث عن حلول لها وعرض انجازاتهم.
-في عام ٢٠١٦ حصل على بكالوريوس علوم سياسية وتقدم فورا لدراسة الماجستير في الجامعة الاردنية في ذات التخصص،
لم يكتفِ بذلك بل التحق ببرنامج الدكتوراه في الجامعة الاردنية لدراسة العلوم السياسية ..ثم حصل على الدكتوراه قبل شهر ونيّف.
-لا استطيع إحصاء الجوائز والدروع و خطابات الشكر التي حصل عليها ولا عدد ورشات العمل والندوات وكان من أهم الدروع التي حصل عليها "درع جائزة الناصر صلاح الدين الايوبي للابداع"
* خلاصة القول ..من حقي ان أفخر بهذا الفارس المقدام الذي داس على إعاقته الحركية بعقله الراجح وصبره اللامحدود وارادته الحديدية وصولا لارفع شهادة علمية وهي شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية...
وكم كانت سعادتي وانا ارى عبر وسائل التواصل الاجتماعي امه الفاضلة المناضلة ورده خلف حجازين وهي ترتدي ثوبها الكركي "المدرقة" وتجلس مستمعة لمناقشته في اطروحة الدكتوراه فيما هي على أبواب عقدها الثامن ..
-قلت في نفسي ،ألم يكن من العدل منح شهادة الدكتوراه للدكتور حازم حجازين بالشراكة مع والدته العظيمة؟
ألم يكن فارس الارادة الدكتور حازم حجازين مستحقا للتكريم في مئوية الدولة؟؟
وهل أخطأ المشرع المصري "مصر ام الدنيا" حينما خصص مقعد كوتا واحد في قانون الانتخاب لذوي الاحتياجات الخاصة؟؟ حيث فاز به دكتور يعاني من صعوبة النطق ومحدودية الحركة في اطرافه الأربعة
كل الفخر وصادق اماني الخير لفارس الاراده الدكتور حازم حجازين.