هو يومٌ شديدُ الحرارة ، في 28 حزيران من عام 1994 ، تتوارى خلفَ هذه المناسبة مشاعرَ حنينٍ دافئةٍ ، وذكرياتُ شوقٍ مفعمة بعزّ القوات الخاصَّة ، ومجد الجنديّة ، وهيبة الشعار ، وأناقة الفوتيك ، وشرف الرايات وعلوّ البيارق .
يساورنا الشوق ويستولي علينا تاريخٌ مجيدٌ لسموِّ القائدِ مشاركاً في طلائع الكتائب، يتقاسم معنا حرَّ الصحراءِ وقرَّ الشتاء وخطورة العمليات ومشقة التدريب وعناء المناورة نغرقُ في بحرٍ يحملُ بين ثناياه أزيز الرصاص ودويّ القنابل وصوت الانفجارات وهبوط المظليين معطَّرةً برائحة الأمير عبد الله "آنذاك" ، وهو شامة العسكر ، يتقدَّم الصفوف بحضوره البهيّ يقود القوات الخاصَّة في ميادين البطولة .
أنهت قوات الاقتحام واجبها ، انجلى غبار المناورة ، وصمتت المدافع ، فجاء البشير ، وصدقت الرؤيا ، واستجاب ربّ العالمين إلى "ربِّ هب لي من لدنك ذريَّةً طيبةً إنَّكَ سميعُ الدعاء" ، ولما فُصِّلت الأخبار وجدناها تحملُ رائحة قميص الأمير الحسين ، فارتدَّ إلينا الفرحُ ، وعلت فوَّهات البنادقِ ، عانقت جباهنا عنان السماء ، ارتقى الأملُ قمم الجبال .
وينطلقُ قطار الزمن ، وتجري مياهٌ كثيرةٌ تحت الجسر ، تتوالى الأيّامُ وتتقادمُ السنين ، فيشتدُّ العودُ ويقوى الساعدُ ، ويتحقق الأمل ، وينهض السيفُ الهاشميُّ من غِمدِهِ "لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً" ،ليرثَ هذا الأميرُ عرشَ بني هاشمٍ وليَّاً للعهدِ ، عضيداً لقائدِ الوطنِ ، يحفظُ الأمانة ويحمل الرسالة ويخاف الله ، وجعله الله مباركاً أينما كان ، ليسلك درب الحُكماء ، ويرقى مرقى القادة النُّجباء .
نتضرَّعُ إلى الله عزَّ وجل أن يكلأ سموّ وليّ العهد بعين رعايته ، ويسدد على طريق الخير خُطاه ، ويمنحه عمراً مديداً عامراً براحة البال ، في ظل جلالة الملك المعظم أعزّ الله ملكه .