كدت أتصل بصديقتي وأعلامها بقطع أوتار صداقتنا التي يشدها الود والثقة نهائياً. فكيف ترد على برسالة صباحية ، المرفقة بوردة بيضاء وفنجان قهوة برسالتة "صباحك جنيني حبيبتي"... أوتدرين ما معنى أن يكون صباحي جنينياً ياهدى؟!!
يعني أن أكون محصورة في متر مربع، يتساقط الطوب وقضبان الحديد فوق رأسي، وآلالف جنود العدو المحتل تسد منافذ الأنفاس، وطائراتهم كالغربان تملأ نافذة سمائي بالقنابل، ومدرعاتهم تعتصر تحت جنازيرها جدران المنازل...
يعني، لاكهرباء وماء ولا انترنت كي أتابع دعواتكم لي على الفيسبوك بالنجاة والإنتصار الغلبة، وأنا حافية خالية اليدين، أسحب أخي، ولدي، جاري، الش.هيد من زاوية لأخرى كي لا يدمله الرمل المنهال.. أزحف على بطني بحثا عن المطبخ علني اعثر على ماء لأسقي عجوزاً ... يعني امزق بأسناني الملاحف كي أضمد جريح.. لا أدر كم صارت الساعة بتوقيت العواصم العربية.. ولا أدر إن كان الوقت ليلاً أو نهاراً.
صباحي "جنيني" ياهدى يعني أن كل العالم بحكامه وأزلامه يرى مخيمي الممتد على 1كم شوكة صار من الضروري إقتلاعها، بأية طريقة كانت، بالمحو، بالتشتل من مطرحها، لايهم الأسلوب ولا حجم القوة التي اتفقوا عليها بليل، المهم الخلاص من وجودي، قتلأ، ترحيلاً..أياً كان.. المهم ألا أكون.
صباحي "جنيني" ياهدى، يعني أنني لست أكثر من فرجة على شاشات التلفزيونات، التي ساوت مابين القاتل والقتيل، وعدلت مابين الجلاد والضحية، وألعت من حعجعة الباطل، يعني أن مصيبتي التاريخية ستفرز محللين جدداً، يتكاثرون كالفطر الضار، يحللون كم بقي لنا من الوقت ونحن نتنفس،وماهي وجهة نظر العدو.. ستنبت للعالم مدارس تصوير، زوايا محترفة لإلتقاط صور لحمنا المهروس مع التراب، لحظة إنفجار غرفتنا الوحيدة...
صباحي جنيني.. يعني لا أحتسي القهوة مثلكم، ولا أعرف من هي فيروز، ولا انبطح على أريكتي أقلب بالريموت بحثاً عن مسرحية شاهد ماشفش حاجة...ولن أعرف مثلكم أن سلطة التنسيق الأمني محتجة وستوقف تنسيقها مع العدو ريثما ينهي مهمته، وأن جامعة العرب الموتورة ستجتمع بالقرب من مسرح نجيب الريحاني لترى ماذا تفعل، تستنكر وتشجب وترسل برقية لمجلس اللاأمن المتحدة المشغولة بقضية تمكين المرأة..
صباحي جنيني يعني ياهدى بأنني أخر من ظل صامدا يحاول صناعة مقذوقة من زجاجة بيبسي، أخشخش ماتبقى من رصاصات في جيبي حتى يأتي أمر الله.
حبيبتي إرسلي رسالة صباحية أخرى.. استبدلي إن شئت الوردة البيضاء بحمراء مرفقة بجملة "حسبنا الله ونعم الوكيل... صديقتي الغالية...اكتب عنك الآن وأنا أقضم بقايا كعك العيد واتفرج إسوة بالمكبلة إيديهم وارجلهم، المثقلة قلوبهم في فضائنا العربي.... صباحي" جنيني"يعني أن أكون مثلكم.." رأس برأس".. وفي قضيتنا لا تتساوى الرؤوس...