مذ خلقنا ونحن نسمع ونردد الأمثال التي اطلقها أهلنا منذ القدم على هذه الفترة من الصيف، والتي تمتد من ١٠ إلى ١٥ يوما على الأكثر، ومنها وصفهم لها ب"الطباخات" طباخات العنب والتين، أي موسم نضج هذه الثمار، كما هي ضرورية لنضج التمور في بلاد أخرى، كذلك قولهم"بتموز تغلى الميّ بالكوز" يلحقها مزعبراً"آب اللهاب"، منذ أعوام صرنا نسمع لازمات جديد، ة وكأن مختصي الأرصاد الجوية ينسون ماقالوه العام الفائت أو أنهم يقرأون نفس التقرير، هذه أعلى درجات حرارة من كذا وكذا سنة، والجديد هذا العام مفردة"القبة الحرارية" والتي أول ما سمعتها تبادر لذهني القبة الصاروخية.
البارحة تذمرت وأنا أحدث صديقتي خديجة من ارتفاع درجة الحرارة، ولكن في منتصف شكواي وكأنني تحولت قطعة بسكويت، قلت لها صدقيني أننا كنا في بعض السنوات نقوم في هذه الفترة تحديدا برجاد محصول القمح، ونقله من الحقل البعيد في عز الحر الي القرية،كان الكبار يلفون رؤوسهم بمناديل، أما نحن الصغار فلم نكن نمتلك قبعات، ونحن نرفش القش في السيارة كي تتسع لاكبر كمية ممكنة، وأتذكر أول مرة ركبنا مرواح في سقف بيتنا، مازالت موجودة، عندما نديرها نتخيلها طائرة هليكوبتر تأز في منتصف السقف، حذرتنا جدتي من الجلوس تحتها مباشرة، خشية سقوطها علينا، اشترى جيراننا ثلاجة أيضا، احتفلنا معهم بها، ولو توفرت التلفونات حينها، لكنا تصورنا بجانبها للذكرى، صرنا نتزود منها بقوالب الثلج يوميا،في المساء ننقل فرشنا لننام على أسطح المنازل، بعض الناس كان يفترش المصاطب أمام البيوت، ومن على ظهر الأسطح نشاهد التلفزيونات تلوح متقطعة كومض البرق ... أما المشروب الرسمي فلم يكن يتجاوز الشاي بالنعناع ولبن المخيض غير المبرد.. نضع البطيخة بعد "شقحها" في الظل بعض الوقت قبل التهامها واقتسام لُبها قسمة الحق ، أما إذا ابو زيد خالك، فقد يرزقك الله ثمن زجاجة ببسي، نكرعها في ظل الحائط،لأنه من غير المسموح به أخذ" القنينة" معنا للبيت، أو حبة "إيما"يذوب معظمها ونحن نلعقها ، تكون شرطاً لقضائك مهمة للعائلة خارج البيت أثناء ذروة القيظ... كان مسبحنا برميل ماء ظل وراء معلم الباطون.. جميل فيه بقايا اسمنت ورمل أيضا، نخرج وعلى وجوهنا مسحة بيضاء وشعرنا "مشنتراً"كطلع الأشواك كذلك... خلي الكلام بسرك.. كمان كنا نظل بنفس الهدوم التي سبحنا فيها.. لأيام أخر.
عموما.. حسابي مقيد ولا أدري إن وصلت حالتي البسكويتية أم لأ.....