كان الملك المؤسس قائداً عظيماً محنكاً حكيماً في مملكةٍ محدودة الموارد ، تضيقُ بآماله وأهدافه وطموحاته ، التي كان يؤمن بها ، ويسعى دائباً من أجل تحقيقها ، يؤمن بضرورة وحدة المشرق العربيّ ، تلك الطموحات جلبت له خصومات وأعداء ، فلم تُأخذ بآرائه الحكيمة ورؤيته المستقبلية لمصير الأمة ، وقفت الصهيونية وبريطانيا وفرنسا والحاسدين في طريقه ، وحالت دون تحقيق أهدافه ، كان يسعى لخير الأمة ونُصرة قضاياها ، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
لقد عجزت الحكومات العربية وجيوشها عن الاحتفاظ بما خصصه قرار التقسيم للعرب من فلسطين ، ومع ذلك احتفظ الأردن بالضفة الغربية والقدس عربية نقية ، عام 1948 "عُقِدَ مؤتمر أريحا" وبايعوا الملك عبد الله الأول ملكاً على فلسطين كلها ، وأيّد مجلس النواب الأردني قرارات مؤتمر اريحا بالإجماع ، وتمّ تشكيل وزارة أردنية جديدة ضمّت عدداً من وزراء الضفة الغربية .
عام 1950 ، تمّ إجراء انتخابات نيابية جديدة تشمل الضفة الغربية ، ضمّ المجلس الجديد نصف أعضاؤه من الضفة الغربية ، وفي 24نيسان1950 وافق مجلس الأمة الجديد على قرار وحدة الضفتين ، وهذا أثار غيظ الحاسدين .
في 20تموز1951 زار الملك عبدالله الأول القدس ، بقصد أداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى ، وبرغم التحذيرات الداخلية والخارجية بعدم السفر ، إلا أنّ الملك أصرّ على أداء صلاة الجمعة في "القدس" ، التي أحبّها ودافع عنها وحافظ على عروبتها ، وعند دخوله المسجد ، خرجَ مجرمٌ جبان وأطلق النار على جلالة الملك ، فقضى شهيداً على أطهر بقعة ، وعلى أقدس مكان ، وفي أفضل يوم ، فارتقى سيداً لشهداء الأردن الذين يزيدون على الألفين على ثرى فلسطين .
الأعداء كانوا يخططون لطيّ صفحة ناصعة عظيمةً من صفحات القادة العرب الوطنيين الأحرار ، هكذا قدّم الشهيد روحه ودمه على أرض فلسطين المباركة ، تماماً كما قضى والده الملك المؤسس الحسين بن علي الهاشميّ قائد الثورة العربية الكبرى وملك العرب .