الموضوع: طلب تأجيل مناقشة قانون الجرائم الإلكترونية المقترح وأجراء مشاورات عامة واسعة
تتقدم هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني "همم" من سعادتكم بخاص تحياتها، وهي تحالف يتكون من 11 منظمة مجتمع مدني اردنية تعمل في مجال الدفاع عن حقوق الانسان وتعزيز التنمية المستدامة.
وتود "همم" التعبير عن قلقها العميق بشأن مشروع قانون الجرائم الإلكترونية الذي قدمته الحكومة مؤخرًا إلى مجلس النواب للموافقة عليه، وبدأت اللجنة القانونية مناقشته قبل أيام، اذ أننا نعتقد أن اقراره بهذه الشكل سيكون له تداعيات سلبية كبيرة على الحريات العامة ومسار الإصلاح السياسي والاقتصادي، ونطلب من مجلس النواب الكريم التأني في مناقشته بهدف إتاحة اجراء مشاورات واسعة شاملة.
ونشير أن مثل هذا المشروع كان أولى بالحكومة أن تقوم بحملة مشاورات فنية وشعبية وحقوقية حوله، وأن تقدم معه دراسة وافية للأثر الاجتماعي والاقتصادي أو الفني الذي سيرتبه. وألا تضع على كاهل مجلسكم الكريم هذه المهمة، وننوه إلى ان الحكومة لم تعط أي فرصة للتعليق على القانون ولم تسع لتجويد نصوصه بل سارعت لإدراجه على جدول أعمال الدورة الاستثنائية دونما مبرر ولم توضح دواعي الاستعجال.
إننا وفي الوقت الذي نقر فيه بأهمية معالجة قضايا مثل القرصنة والتزوير والجرائم المتعلقة بسرية البيانات وانتحال الهوية والاستغلال وخطاب الكراهية، علينا أيضًا الاعتراف بالحاجة إلى نهج متوازن يحترم الحقوق والحريات الأساسية. لقد شهد العالم مؤخرا تطورات تقنية وظهور تحديات جديدة، بما في ذلك الجرائم الإلكترونية التي تهدد الأفراد والمجتمع والاقتصاد، اذ من الأهمية بامكان تطوير تدابير قانونية فعالة لمكافحة هذه الجرائم، دون المساس بضمانات تتوافق مع المعايير الدولية والممارسات الفضلى ذات العلاقة وتحمي حقوق الإنسان. وتكفل الحفاظ على سمعة الأردن وترتيبه على التصنيفات العالمية، وتضمن عدم التأثير على حياد الانترنت في الأردن أو قدرة الشباب الأردني على استخدام الانترنت من أجل الوصول إلى الفرص.
إلا أننا في "همم" نعرب عن مخاوفنا تجاه مشروع القانون ليس لكونه يشكل تقييداً على حرية التعبير فحسب، بل لوجود ضعف في صياغته ولتضمنه مصطلحات غير منضبطة و غير دقيقة فنياً، ولكونه تضمن يضمن مغالاة غير مسبوقة أو مفهومة في العقوبات، ونجد أنه يتعارض مع السياسة العقابية العامة المعلن عنها في استراتيجيات الحكومة والتي تهدف إلى الحد من الاكتظاظ في السجون والعقوبات السالبة للحرية. كما نعتقد أن بعض ما ورد في هذا المشروع يشكل تهديداً لكل بيت أردني، ويؤثر على المصالح الاقتصادية لشرائح واسعة تعتمد على الاقتصاد الرقمي وحرية الانترنت وتنافسية الشباب الأردني.
كما أننا نرى أن هذا المقترح مخالفة دستورية لكونه يخالف نص المادة 128 من الدستور الأردني التي تنص على "لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها".
وبناء على ما ورد علاه، ومن أجل أن يتمكن المجلس من القيام بدوره بالتشريع السليم الذي ينظم المصالح ويحمي الحريات، وبتمثيل ويمثل مصالح الشعب الأردني، نأمل من المجلس الكريم تأجيل مناقشة مشروع قانون الجرائم الإلكترونية وبدء مشاورات عامة واسعة وجادة يشارك فيها مختلف الأطراف ذات العلاقة وأصحاب المصالح من أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني واعلام، كما نرجو منكم الطلب من الحكومة بتقديم دراسات الأثر الاقتصادي والاجتماعي تحديداً، وهذا من شأنه أن يضمن ذلك مراعاة اهتمامات ووجهات نظر مختلف الأطراف بشكل مناسب بما ينعكس على جودة العملية التشريعية وجودة المخرج النهائي لقانون الجرائم الالكترونية، ويضمن مواءمة نصوص القانون مع المبادئ والمعايير الدولية لحقوق الانسان وعلى وجه الخصوص حرية الرأي والتعبير.
ونحن نؤكد لكم استعداد "همم" والمجتمع المدني الأردني على الاجتماع مع اللجان المختصة وعلى عقد جلسات مع السادة أعضاء المجلس من أجل مناقشة الجوانب القانونية والفنية الإشكالية المتعددة في مشروع القانون.
نشكر لكم تعاونكم ويحدونا الأمل أن يعمل مجلس النواب بما يخدم مصلحة الدولة الأردنية والشعب الأردني ويحفظ حقوقه وحرياته والقيم الديمقراطية المتعارف عليها عالميا.