شهد العالم منذ عقود، تدهورا مستمرا في التوقعات الاقتصادية في العديد من المناطق، وتزامن ذلك في بعض الدول مع المخاطر الجيوسياسية المستمرة.
لقد واجه الاقتصاد الأردني مخاطر كبيرة شملت مختلف القطاعات والمناطق. ولأهمية الوضع الاقتصادي تم العمل على وضع رؤية التحديث الاقتصادي بجميع محاورها التي لم نشهد حتى اللحظة ممارسات تثبت أنها بدأت في التنفيذ على أرض الواقع هذا العام.
مؤخرا عقدت لجنة عمليات السوق المفتوحة في البنك المركزي الأردني، اجتماعا وقررت رفع أسعار الفائدة على كافة أدوات السياسة النقدية للبنك المركزي بمقدار 25 نقطة أساس اعتبارا من بداية شهر تموز 2023. علما بأنه في العام السابق كان قد صرح مراقبون أن الأردن قد لا يتبع سياسات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة خلال العام 2022، للإبقاء على أسعار كافة أدوات السياسة النقدية كما هي، وذلك في ضوء مساعي الحكومة لتحقيق التعافي الاقتصادي بعد حالة التدهور التي شهدها الاقتصاد الأردني.
في فبراير شباط عام 2023 كان قد قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، رفع معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة، مرة أخرى لتقليص وتيرة تشديد السياسة النقدية. وقال الاحتياطي الفيدرالي بعد اجتماع السياسة النقدية، إنه رفع معدلات الفائدة إلى نطاق 4.5 % و4.75 %.
عادة يقوم النظام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة عندما يكون الاقتصاد يعاني، والنظرية هي أنه من خلال التخفيض ، تنخفض تكاليف الاقتراض، وهذا يدفع الشركات إلى الحصول على قروض لتوظيف المزيد من الأشخاص، وتوسيع الإنتاج. كما يعمل بالمنطق المعاكس عندما يكون الاقتصاد في وضع نشط.
والسؤال هنا هل هناك منطق في تطبيق معايير اقتصادية على السياسة النقدية تحاكي نظام الاحتياط الفدرالي في الأردن.
وما هي النتيجة المتوقعة، حين تكون طبيعة الاقتصاد في الأردن مختلفة والواقع الاجتماعي مختلف تماما، واي رفع رفع بسيط في النقاط يؤثر على على رفع أسعار الفائدة ولو رفع طفيف سيؤثر في القطاعين العام والخاص.
إن ارتفاع أسعار الفائدة والأسواق المتقلبة تشير إلى ارتفاع مخاطر الاستقرار المالي، وأسعار الفائدة المرتفعة ستؤثر على قدرة المستهلكين والشركات على الوصول إلى الائتمان.
عندما تتغير أسعار الفائدة، هناك تأثيرات حقيقية على الطرق التي يمكن للمستهلكين والشركات من خلالها الوصول إلى الائتمان لإجراء عمليات الشراء الضرورية والتخطيط لأمورهم المالية. حتى أنه يؤثر على العديد من القطاعات والشركات.
زيادة أسعار الفائدة ستؤثر على القطاع العام أيضا برفع تكاليف الاقتراض للحكومة، مما يؤدي إلى زيادة الدين، وزيادة عجز الميزانية.
لقد فكرت لجنة عمليات السوق المفتوح من الناحية النظرية، بأن رفع النقاط 25 أساس سيؤدي إلى تعزيز المدخرات بين المستهلكين والشركات مما يمكنه أن يولد عائدا أعلى على مدخراتهم.
ولكن من الناحية العملية، قد يكون التأثير هو أن أي شخص عليه عبء دين سيسعى بدلا من ذلك إلى سداد التزاماته المالية لتعويض المعدلات المتغيرة المرتفعة المرتبطة ببطاقات الائتمان أو قروض المنازل أو أدوات الدين الأخرى، وهذه الحالة الأكثر واقعية، التي تنطبق على الاقتصاد الأردني، وستكون النتيجة تقليل النمو، وجعله غير كافي لاستحداث فرص عمل لتخفيض معدل البطالة، إضافة إلى تقليل السيولة في يد المستهلك وتقليل الاقتراض.
المستفيد الوحيد من رفع أسعار الفائدة، هو القطاع المصرفي حيث يمكنهم كسب المزيد من الأموال من القروض.
إن الوضع الاقتصادي بالأردن يتفاقم ويزداد سوءا، بكل ما يترتب على ذلك من ارتفاع مستويات البطالة، وزيادة نسبة معدلات الفقر. ولا بد من وقفة جادة لإعادة النظر في إي قرارات جديدة للبنك المركزي تمس الاقتصاد بأكمله.
وقد أن الأوان للتفكير بالاقتصاد السياسي بشكل أكثر عمقا وواقعية. فالاقتصاد السياسي يهتم بالعلاقة بين الإنتاج والتجارة والأنظمة القانونية والحكومية ودورها وتأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية على المجتمع.
لا بد من الاهتمام بتصميم السياسات الاقتصادية الفعالة والمتوازنة وضبط الإجراءات المناسبة للظروف المحيطة، وتوفير الحماية القانونية للتعاملات المالية لجميع الفئات المقترضة سابقا بأفضل شكل ممكن.
وأخيرا الأهم من محاكاة سياسات نظام الاحتياط الفيدرالي، هو العمل على تعزيز التعاون بين الدول والمنظمات الدولية والإقليمية لعمل مشاريع مشتركة تضمن تحقيق التنمية المستدامة وتكريس مفهوم الشراكة الاستراتيجية والتعاون المتوازن، في محاولة لتغير الواقع الاقتصادي الذي جعل المجتمع يعاني منذ سنوات. حمى الله الأردن أرضا وقيادة وشعبا.