تحفل المجموعة القصصية "بين اليقظة والحلم" للروائية والقاصَّة الأردنية د. سوزان خلقي بمجموعة من النصوص السردية التي تلامس أدق التفاصيل الداخلية لأبطالها وبطلاتها، وتمزج خلالها بين الشخصي والعام، والحاضر والذكريات.
وجاءت المجموعة الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 106 صفحات من القطع المتوسط، وقُدمت فيها الأحداث ضمن إطار واقعي مغلف بالرومانسية والحرص على تلمُّس المشاعر والخلجات التي ترافق الشخصيات في ما تؤول إليه من أحوال ومصائر.
تقدم قصة "شرفة مطلة" إحدى هذه الخلجات العميقة بالقول:
"اختارت وحدتها بعناية؛ شارع مغلق ينتهي ببيت له شرفة مطلة، هنا هي ملكة الحي، والشارع يبدو خفيف التعرج من حيث تجلس يوميا بعد العصر لتلملم الحكايا.
خلف شرفتها تفاصيل؛ غرفة نوم عتيقة والكثير من الصور؛ ثلاثة أبناء، قبعات تخرج، بذلات عرس، ثلاث نساء لا يشبهنها وستة أحفاد.
بجانب المرآة مشط صغير استخدمه زوجها لترويض شاربه الكث، لم تنظفه منذ وفاته، في منتصفه تعلق شعرتان.
من شرفتها راقبتهما بصمت؛ امرأة تجر ابنا لن يكبر، ورجل يسكنه الحزن".
وجاءت لغة الكاتبة عفوية فكانت قادرة على الوصول إلى أعماق المواقف والشخصيات، واتسمت القصص بطابعها التصويري الذي يحرص على إظهار تفاصيل المكان والعناية بأدق عناصر المشهد في خدمة الحدث الذي ارتكزت عليه كل قصة من قصص المجموعة..
وطعمت الكاتبة مجموعتها بعدد من النصوص الشاعرية التي خدمت المجموعة، وأبرزت الثيمة التي تدور حولها القصص..
تقول الشرايري في أحد هذه النصوص:
لا شيءَ يعنيني
سوى هذِهِ اللحظاتِ
حينَ لا نتجمَّلُ..
تتجرَّدُ الأسماء
لا تحيّرنا اللُّغة
تتسرَّب الكلمات منَّا.. حرَّةً
تحمل المعنى بخفَّة
لا شيء يبقى كالكلامْ
لا شيء يفنى كالكلامْ..
ومن الجدير ذكره أن سوزان حسان خلقي وُلدت في القاهرة لأب أردنيٍّ وأم مصرية. ونشأت في مدينة إربد في شمال الأردن، وفيها أكملت دراستها الثانوية، ثم حصلت على شهادة البكالوريوس والاختصاص العالي في الطب، تخصص النسائية وجراحتها، من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية. وهي تكتب في مجالات عدة، من بينها إضافة إلى الرواية: الشعر والمقالة والقصة القصيرة. وقد صدرت لها قبل هذه المجموعة رواية تحت عنوان: "روت لي حكايتها".