كل عام، يقام سوق الزواج في صوفيا عاصمة بلغاريا، حيث تذهب العائلات مع بناتها إلى السوق لعرضها للزواج مقابل مجموعة من الأموال قد تصل إلى 20 ألف دولار. هذه العادة منتشرة في مجتمع «الروما» البلغاري، أو ما يعرفون بالـ«غجر الروما» وهو مجتمع منحدر من أصول هندية لكنه يتكون من أكثر من 5 ملايين شخص في الجانب الشرقي بأوروبا، نصفهم في بلغاريا.
سوق العرائس «الأوروبي».. العذراء بـ20 ألف دولار!
كل عام، في اليوم الأول من صوم المسيحيين الأرثوذكس الكبير (قبل 55 يومًا من عيد القيامة)، يمكنك الذهاب إلى مدينة ستارا زاغورا في العاصمة البلغارية صوفيا؛ وستشهد حينها ظاهرة غريبة قد تعتقد أنها انقرضت منذ زمن طويل، لأن في هذا اليوم يعقد سوق للزواج، يمكن أن يحصل فيه أحدهم على عروس «عذراء» بسعر قد يتجاوز 20 ألف دولار أمريكي.
هذا الحدث من الأوقات المميزة جدًّا بالنسبة لأهل القرية كل عام، ويحدث في مجتمع صغير من مجتمع الروما ويعرف بإسم «الكاليدجي (Kalaidzhi)» فإذا ذهبت إلى سوق العرائس، سوف ترى بكل وضوح السعادة وهي تغمر الجميع، ولما لا؛ فسوف يحصل كل أب لابنة في نهاية اليوم على زوج مستقبلي، وفي الوقت نفسه سوف يعود إلى منزله ومعه مبلغ كبير من المال.
وفي سوق العرائس، سوف تجد عشرات الفتيات المراهقات اللواتي يضعن المكياج الثقيل في المكان المعروف محليًّا، بمرافقة أمهاتهن اللواتي يرتدين ملابس احتفالية، ابتهاجًا بهذا اليوم، الذي تشعر فيه الأم بفخر لأن ابنتها قد وصلت إلى سن البلوغ، ويمكنها الزواج وتكوين أسرة جديدة.
ولأجل ذلك «العرض»، تفعل الأم ما يمكن فعله لتجعل ابنتها جميلة كما تقول الأعراف المجتمعية، الفساتين والزينة، والحلي الذهبية الثمينة، كل أم في مجتمع الكاليدجي تعمل على ترتيب كل ذلك لمدة سنوات، حتى تجعل ابنتها عروسًا باهظة السعر في سوق العرائس.
أما عن الشباب، فهم يأتون من المجتمع نفسه، إذ لا يسمح بزواج فتاة من خارج مجتمع الكاليدجي، من شاب من مجتمع آخر، حتى وإن كان غجريًّا أيضًا من مجتمعات الروما في أوروبا. ويتعمد العريس المستقبلي أيضًا الظهور بشكل أنيق، ويرتدي بعضهم الذهب، ويستأجر السيارات الفارهة، في محاولة لنيل إعجاب عائلة العروس الجديدة.
ولكن كل محاولات الأناقة بالنسبة للشباب ليس عامل الحسم في الحصول على عروس؛ الأهم، كم سيدفع الشاب، بعد نهاية التفاوض مع والد العروس.
تعد «عذرية» الفتيات حتى يوم المعرض ذات أهمية كبيرة بين عائلات مجتمع الكاليدجي، بسبب السعر المرتفع الذي يمكنهم التفاوض عليه، وعادةً ما تجري الموافقة على زواج النساء غير البكر بسعر أقل.
ومن المثير للاهتمام أن تعرف عزيزي القارئ، أن سوق العرائس هي المناسبة الوحيدة التي تسمح فيها العائلات للفتيات بمقابلة الرجال، فالمواعدة ليست خيارًا متاحًا من الأساس، ويُحظر على المراهقين الاجتماع دون وجود شخص بالغ، الذي غالبًا ما يكون الأب أو أخ كبير، وهو الذي يتولى عملية التفاوض مع العريس الجديد على سعر العروس، الذي يبدأ من 2000 دولار وقد يصل إلى أكثر من 20 ألفًا كما أسلفنا.
ولكن يبقى السؤال؟ «ما موقف الاتحاد الأوروبي أو الحكومة البلغارية من سوق العرائس هذا؟»، الإجابة ببساطة أن الاتحاد الأوروبي لم يتخذ موقفًا حاسمًا ضد مراسم بيع البنات في بلغاريا، ولكن يذكر موقع البرلمان الأوروبي، أن في عام 2016؛ حصلت بلغاريا على منحة تقدر بـ143 مليون دولار من أجل تمويل أنشطة دمج المجتمعات المهمشة والتي بينها مجتمع الكاليدجي، لكي يجري القضاء على الظواهر الغريبة والتي من بينها «سوق العرائس». وكما يذكر موقع البرلمان، فإن هذه المنحة كانت من المفترض أن تحقق أهدافها بحلول عام 2020، ولكن نحن الآن في 2022، ولا يزال سوق العرائس يقام في موعده!