أصبح موضوع الاحزاب السياسية حاليا هو محور الاهتمام وهو قوام الحياة السياسية ، ويحظى باكبر اهتمام قانوني وتشريعي محلي ، وقد وضعت التعليمات والشروط لحشد مشاركة شعبية واسعة ، والاهم هو ذلك التخصيص " 41" مقعد نيابي للاحزاب بقرار هو حجر الزاوية الان في معادلة الحياة الديمقراطية . قرار التخصيص هو التحدي الاول في المعادلة والسؤال كيف سنجعل هذا التخصيص ناجحا ؟؟
هل في اختيار الاشخاص على قاعدة الكفاءة والمقدرة ؟
ام في الاختيار على اساس المال والتمويل الذي يتجاوز التمويل الطبيعي ؟
ام ستكون للعشائرية حضورها ؟
وهنا في كل المعادلة وكيفما امعنا في التحليل والتوقع سنجد أن برنامج عمل الحزب سيكون ظاهريا في الواجهة ولا يملك تلك القيمة مقارنة مع معطيات فرضها هدف الحزب الاساسي وهو حصد ما يستطيع من المقاعد لمرشحي الحزب .
لم تكن التجربة الاردنية في الاحزاب قد سارت في وتيرة واحدة تراكمية ، وأثر ذلك على بناء العقلية الحزبية الوطنية الاردنية وعلى حجم المشاركة حاليا ، فالبداية لم تكن اردنية حين كان هناك فرع لحزب الاستقلال السوري في عمان عام 1921 ، وانخرط الاردنيون فيه ،رغم انه حزب سوري يركز على القضية السورية ويؤيد استخدام الارض الاردنية لخدمة أهدافه ، وهو كان الذي يشكل الحكومات الاردنية الاولى من عهد رشيد طليع اول رئيس حكومة اردنية ، وبقي الامر كذلك حتى عام 1928 حين تخلصنا من حزب الاستقلال وظهر اول حزب اردني هو حزب الشعب الاردني وكانت بداياته من عام 1927 ونجح عام 1928 بعقد المؤتمر الوطني الاردني الاول كأول تجمع يبحث في القضايا الوطنية الاردنية .
هذه البدايات الاردنية في فترة امارة شرقي الاردن وكان التوجه نحو التركيز على القضايا الاردنية ولا إغفال مطلقا لبروز المسألة الفلسطينية والتحذيرمن الاطماع الصهيونية وبحث التهديدات التي يتعرض لها الاردن .
وبعد وحدة الضفتين عام 1951 خضنا تجربة جديدة ، وبعدما كان هناك منبر اردني في شرق الاردن ، أصبح لدينا منبر اخر فلسطيني ، ولم يكن هناك اي فرق او انفصال في الحديث والرأي والتعبير والشعور على أي من المنبرين ، وخضنا في مسار جديد اصبح الخطاب الاردني بوجهين . ونلاحظ ان الفترة من 1951 – 1955 قد شهدت تشكيل احزاب راديكالية بقيادات اردنية فلسطينية مثل الحزب الشيوعي الاردني في عام 1951 وحزب التحرير 1952 وحركة القوميين العرب 1952 والحزب الوطني الاشتراكي عام 1954 وحزب البعث العربي الاشتراكي 1955 ، وكل هذه لم تكن في قاموس الاحزاب الاردنية قبل وحدة الضفتين ، وكأن التاريخ يعيد نفسه ، فحين كان حزب الاستقلال يؤيد استخدام الارض الاردنية لتحرير سوريا ، تحول الامر الان الى أن تصبح الارض الاردنية منطلق التحرير الجديدة لفلسطين .
وكان من المنعطفات الهامة في الحياة الحزبية هو التوقف لها من عام 1956 الى عام 1989 بنعنى أن هناك جيل كامل قد انقطع عن الحياة الحزبية ، كان يتساءل لماذا كان هذا التوقف ، ولم تكن الاجابات لتشجع على التجديد والثقة ، ورغم ان استئناف الحياة البرلمانية عام 1989 قد جاء مقنعا وكأنه البداية لحياة جديدة .
وبعد مخاض سياسي رعاه جلالة الملك عبدالله الثاني ، نصل الى مرحلة سياسية جديدة بقوانين عصرية وبحوافز ورؤى وطنية جديدة وبسط الامور امام الشعب بوضوح ، لتشكل التحدي له ، فهل سينجح ؟؟
ربما الخوض في هذه المسألة قد يحتمل تفسيرات عديدة وهناك اجتهادات واختلافات ، ولكن هل يمكن ان تكون واحدة من مهمات الاحزاب في هذه المرحلة الناشطة والتي هي حركة عاصفة في الفكر والنهوض السياسي ان تسعفنا في كيفية طرح الافكار ووضع المعالجات التي تعزز قضايا المواطنة والهوية وخدمة القضية الفلسطينية ؟؟؟