قال تعالى: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يُرزقون"
صدق الله العظيم .
قدم الشهيد هزاع المجالي درساً في التضحية وارتقى بتضحياته إلى مستوى البطولة والفداء، فقد كان صادقاً مع نفسه وشعبه، ونال شرف الإستشهاد في سبيل الحق والدفاع عن وطنه وأمته.
تولى المجالي عدة مناصب رفيعة آخرها منصب رئيس الوزراء، ونال شرف الشهادة بعد حياة حافلة بالعطاء، فكان بحق صوت الأردنيين ومنارة للكثيرين وكان بفكره وعمله الأقوى في اتخاذ المواقف السياسية، عرفه أهله ومن أحبه بأنه الرجل الصادق وأنه الأكثر صلابة في حبه لوطنه وقضايا أمته وفي مقدمتها قضية فلسطين، أرادوا له السوء وخططوا للنيل منه ، وقاموا بتفجير مبنى الرئاسة حيث كان متواجدا به ليلقى ربه شهيدا في الحادية عشرة من صباح يوم الاثنين ١٩٦٠/٨/٢٩م.
الشهيد الراحل لا تفيه الكلمات والعبارات حقه، فقد كان بطلاً يطوف أرجاء الوطن وكانت عواصم العرب ترى فيه صنديدا أردنيا يقول كلمة الحق ولا يخاف أحداً، غاب عنا ولا زالت ذكراه فينا وسيبقى اسمه راية ترفرف فوق سماء وطننا نذكره ونترحم عليه، فقد ترك لنا الكثير وأهمها مذكراته التي تضيء جانبا هاما من تاريخ أردننا الحبيب...
وبعد قراءتي لمذكرات الشهيد هزاع المجالي التي هي برايي وثيقة تاريخية لا تقدر بثمن فيما يتعلق بالدور المشرف الذي قام به الملك الشهيد (المؤسس) عبد الله الأول ابن الحسين وكذلك الدور الكبير للملك الباني الحسين بن طلال (طيب) الله ثراه) في تأسيس الدولة الأردنية الحديثة وأهم الأحداث السياسية خلال فترة الخمسينات من القرن الماضي وتطورات القضية الفلسطينية وبداية الصراع العربي الإسرائيلي والتي تتضمن الدور الكبير الذي لعبه الشهيد هزاع دفاعا عن الأردن وقضاياه.
وبعد أن شاركت في إحتفالات وندوات فكرية بذكرى استشهاد هزاع المجالي... وأجريت مقابلات شخصية مع عدد من الشخصيات الأردنية الذين كانوا (شهود عيان على حادث تفجير الرئاسة المشؤوم عام ۱۹٦٠م) أو (شهود عيان) ارتبطوا بصداقة خاصة أو زاملوا الشهيد هزاع أثناء دراسته في جامعة دمشق أو كانوا عرفوه عن قرب أثناء العمل بالدولة... فقد عقدت العزم متكلا على الله عز وجل من أجل إظهار الحقائق وخدمة للأجيال الأردنية أن أقوم بإعداد كتاب هام عن التاريخ الأردني الحديث يضاف إلى عدد من الكتب التاريخية التي قمت بإعدادها في الماضي... فهذا الكتاب يعتبر مكملا لمذكرات الشهيد هزاع المجالي نتحدث عن الشهيد من خلال آراء وتحليلات لعدد من الشخصيات الأردنية من أطياف متنوعة وكذلك نستمع لأحاديث وآراء عدد من شهود العيان من زملاء وأصدقاء فقيد الوطن أثناء دراسته بجامعة دمشق أو أثناء العمل بالدولة ولعدد من شهود العيان أثناء حادث تفجير الرئاسة المشؤوم عام ١٩٦٠م.
وأعتقد بأن هذا الكتاب الجديد يتكامل مع مذكرات الشهيد المجالي وهو ضروري لإتمام الصورة عن الشهيد هزاع حتى لحظة استشهاده وقد نجد فيه النقاط والملاحظات والتحليلات والتفاصيل التي لا تحتويها مذكرات الشهيد...