من دفتر الذكريات٠٠٠٠٠٠٠٠ كنت جالسا امام منزلنا المتواضع في مدينة سحاب الاردنية وكان عمري لا يتجاوز خمسة عشر عام تقريبا ، كان ذلك في منتصف الستينيات من القرن الماضي ، وإذا بسيارة فارهة امريكية طويلة تصطف وينزل منها رجل عليه هيبة ووقار ، نظر الي وقال ( يا ولد. ابوك هان ) فاجبته فورا. ( يا هلا ياهلا بالشيخ تفضل يا عمي ) وهذا ما علمنا اياه ابي ان نبدا بكلمة يا هلا مع الضيوف. ركضت نحو والدي مسرعا داخل المنزل وقلت ( يابا هناك رجل يريدك ويبدو انه شيخ ، قفز والدي من امام منقل النار الذي عليه بكرج القهوة يستطلع القادم وفجأة تغّيرت كل ملامحه وبدا ( يا هلا يا هلا يا هلا بابو الشايش. صباحنا مبارك،، تفضل تفضل،، تعانقا طويلا وجلسا حول منقل النار وبعد الضيافة قام والدي وأشّر لي ان اتبعه خارج الغرفة. قال لي ( حسين ، ضيفنا هو الشيخ نايف حديثة الخريشا. ابوي. طير على صالح العودة ( الله يرحمه ) وقول له ابوي بده خروف ضروري ، صالح العودة كان جزارا معروفا ، طرت باتجاه منزله وجدته وقلت له ( عمي. ابوي بده خروف عنده الشيخ نايف الخريشه ) قام من مكانه واتجه الى حظيرة الغنم وامسك بخروف ووضعه على رقبتي وقال سلم على ابوك. عدت متعبا منهكا. فالمسافة وان كانت قصيرة لكنها صعود صعب. ، ما ان رأى والدي الذبيحة حتى تهللت اساريره وتناول السكين وذبحه. سمع الشيخ ابو الشايش ثغاء الخروف فخرج مسرعا ونادى ( يا علي. انا مستعجل. مريت اشوفك بس ) قال له والدي مشيرا الى الخروف ( زي ما انت شايف ) يعني انه ذبحه ، فقال له اذن يا خوي حوسة من اطايب اللحم. انا مستعجل ، وقامت والدتي عليها رحمة الله بتحضير وجبة فاخرة خلال وقت قصير ، عند مغادرة الشيخ نظر الى والدي وقال ( ما عندك سيارة يا ابو محمد. اجتك سيارة امريكي ،،، بعد يومين اصطفت امام منزلنا سيارة فاخرة نزل منها سائق وسلم المفتاح لوالدي قائلا. هدية ابو الشايش للشيخ علي الحسين ،،، قام والدي فيما بعد برد هدية مناسبة للشيخ ابو الشايش. مواقف رجال لن تُنسى ، رحم الله الشيخ نايف حديثة الخريشة ووالدي وصالح العودة الابراهيم الذي انقذ والدي من موقف صعب ورحم الله والدتي التي بيّضت وجه زوجها...