من حقائق الحياة متلازمتي الموت والشّر. فحقيقة الموت أن لا أحد يستطيع أن ينكره، أو أن يتجاهله لأنه حتمي، "ومن لمن يمت بالسيف مات بغيره .. تعددت الأسباب والموت واحد". وقد يستطيع الطب الحديث والعلوم الحديثة أن تطيل من عمر إنسان أو أن تنقذ حياة إنسان، ولكن لا أحد يقدر أن يقف بوجه حتمية الموت "فأجرة الخطيئة هي الموت"، "وكل نفس ذائقة الموت"، ويبقى السؤال كيف نواجه الموت؟ وهل نخشى الموت؟ وهل حقيقة الموت تعني لنا شيئاً في حياتنا ونحن ما زلنا في أوج قوتنا وعطائنا وصحتنا؟
وربما كثيرون يختبرون في حياتهم أشكالاً وأصنافا من العذابات "والموت"، فهناك من يموت في حياته ألف مرة، جراء تجرع كأس العذاب بسبب ظلم الآخرين أو أخطائهم، ولكن لا يجب أن تموت في دواخلنا قوة الحياة، فقوة الحياة لدى بعد النباتات والشجر فلقَت الصخور وبرزت من وسطها، آبية إلا أن يعانقَ رأسُها عنان السماء، ولم ترتضِ أنْ تحجبَ عنها الصخورُ قوةَ الحياة في داخلها لشق طريقها. فأمام إصرار الحياة تتشقق الصخور وتنفلق، فلا شيء يقدر أن يحدَّ من قوة الحياة، لأنَّ قوةَ الحياة أقوى من قوة الموت. وفي المدينة الوردية البتراء نرى بعض الأشجار تشُّقُ الصخور وتنبت من وسطها. وهذه حقيقة يجب أن يعيها الإنسان في حياته، فلا تحدُّهُ تحدّياتٌ ولا عقباتٌ ولا جبروتٌ أمام إصراره على قوة النجاج والحياة التي بداخله.
ومن جانب آخر، فعالمنا مليئ بالشرور، فكما أن الخير موجود فهناك الشر أيضاً، ولكن قد يخال لكثيرين أن قَرْنَ الشر أقوى من قوى الخير، ولكن، كم من طغاة حكموا التاريخ وزالوا، وكم عدد الإمبراطوريات التي عانقت عنان السماء وهوت إلى الهاوية، وكم من عمالقة تجبروا وفتكوا، ولكنهم زالوا وذبلوا كعشب الحقل وهلكوا إلى الدهر.
لذلك يجب ألا نضعف أو نستكين من شرورٍ قد تُصيبَنا أو مكائدَ تحاكُ لنا أو أشراكٍ تنصبُ لنا، فهما قويت شوكة الشَّر وعلت شوكة الموت فالشوكة ستنكسر، والبقاء للخير وللحياة، فإلهنا إله الخير ورّب الحياة.