مقالة بقلم / سعادة السفير ايلدار سليموف سفير جمهورية أذربيجان لدى المملكة الأردنية الهاشمية
في الثامن من نوفمبر 2023 ، تحتفل جمهورية أذربيجان بيوم النصر ، يوم العزة والكرامة الوطنية التي حققها شعبنا الآبي باستعادة أراضيه المحتلة ، وقد سجل بذلك نصرا مشرفا في صفحات التاريخ العريق لجمهورية أذربيجان مبشرا وواعدا بمستقبل مشرق ومتتطور.
وإنه نتيجة للحرب التي استمرت 44 يومًا دفاعا عن حرية وكرامة بلادنا ، والتي بدأت في يوم 27 سبتمبر2022، وكانت ردًا لتكرار واستمرار الاستفزازات العسكرية الأرمينية وانتهاكاتها الغير قانونية على أراضي أذربيجان ، فقد نجحت أذربيجان من تحرير أراضيها المحتلة في إطار القرارات الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ، والعديد من قرارات المنظمات الدولية الأخرى والتي كانت تطالب دائما بضرورة الإعتراف بوحدة و سلامة أراضي أذربيجان داخل حدودها المعترف بها دولياً، وقد تم نيل هذا الحق وضمان عودة حوالي مليون نازح أذربيجاني إلى منازلهم الأصلية.
كما أن العمليات العسكرية التي جرت بقيادة القائد الأعلى للبلاد الرئيس إلهام علييف البطل وتوجيهاته العالية الحكيمة ، قد انجزت مهامها بأن تمكن الجيش الأذربيجاني الباسل من تحرير أكثر من 300 مستوطنة بما في ذلك مدن جبرائيل فضولي، زنجيلان، قوبادلي، بالإضافة إلى مدينة شوشا ، ذات المكانة الخاصة فهي رمز للحضارة لما تحتويه من معالم تاريخية وثقافية وبموجب البيان الثلاثي الذي وقعه زعماء أذربيجان وروسيا وأرمينيا بتاريخ 10 نوفمبر 2020 فقد انتهت العمليات العسكرية و اعترفت أرمينيا بهزيمتها وسحبت قواتها المسلحة من كالباجار ومنطقتي أغدام ولاشين. وهكذا تم انهاء هذا الصراع بالطرق العسكرية.
ومن خلال تقدم الجنود الأذربيجانيين للأمام في ميدان القتال فقد واجهوا الكثير من العراقيل والصعوبات الهائلة وبذلوا جهود جبارة نحو تحقيق اهدافهم العسكرية ، وقد كان للأنظمة الهندسية والقوة المحصنة التي أستخدمتها أرمينيا وهيأت لها خلال السنوات الماضية الدور الكبير في ذلك إلا أن النصر قد حالفهم وتمكنوا من تحرير أراضيهم ، وكان من بينهم الجنود الابطال الشهداء الذين قضوا في ميدان القتال ودفعوا بدمائهم وارواحهم ثمنا غاليا لنيل النصر.
تواجه أذربيجان حاليا معضلة أخرى وهي مرحلة ما بعد الحرب وتتمثل بإعادة الإعمار والبناء وإزالة الألغام من الأراضي التي تم تحريرها ، لتهيئتها وضمان توفير العودة الآمنة والكريمة للنازحين الأذربيجانيين إلى ديارهم ومنازلهم ، والتي انتهكتها أرمينيا لعقود من الزمن. إلا أن هذه المرحلة تتطلب بذل الكثير من الوقت والمال والجهد ، إلا أن أذربيجان ليست لوحدها في هذا الميدان بل هناك بعض الدول الصديقة التي تشاركها في نشاطها البطولي داخل الأراضي المحررة ، وخلال هذا العام سوف نشهد عودة حميدة للنازحين إلى منازلهم.
وبكل فخر واعتزاز إننا حاليا نشهد مرحلة وحقبة زمنية جديدة في حياة منطقة كاراباخ أرض أذربيجان القديمة والتاريخية – وهي مرحلة إعادة الإعمار والبناء في منطقة كارباخ بحيث يتم العمل لتنفيذ مشاريع لاستعادة المستوطنات في الأراضي التي تم تدميرها خلال 30 عاما من الاحتلال، كما يجري الأن إنشاء مرافق للبنى التحتية، وبناء للمطارات والطرق والجسور والأنفاق وغيرها من المرافق الحيوية ، ومد خطوط للكهرباء والمياه لتهيئة بيئة ملائمة لسكن النازحيين وعودتهم الى ديارهم..
كما بدأ العمل بتنفيذ مشروعي القرية الذكية والمدينة الذكية في منطقة كاراباخ بأذربيجان كما أنه سيتم مد شبكة اتصالات حديثة في الأراضي الأذربيجانية المحررة ، وتم وضع أساس لإحدى "القرى الذكية" الأولى في منطقة زانجيلان. ونحن نرحب بمشاركة شركات أجنبية أخرى في هذه المشاريع التي يتم تنفيذها في الأراضي المحررة.
لقد اتخذت أذربيجان الخطوات المناسبة للتحقيق في الأعمال الغير قانونية من جرائم حرب وقتل للمدنيين ، وتدمير للمدن ، وطمس للمعالم الثقافية والبيئية التي ارتكبتها أرمينيا والتي شكلت في مجملها انتهاكا واضحاً وصريحأً للقانون في إطار سياسة العدوان التي تنتهجها منذ ما يقرب من 30 عامًا ، وكذلك تقديم المسؤولين عن هذه الانتهاكات إلى العدالة ، وسوف تتجلى هذه الخطوات على المستوى الدولي خلال المراحل القادمة.
غير أنه خلال هذا العام وتحديدا بتاريخ 19 سبتمبر2023 ، قامت ارمينيا ضمن سياستها التخربيية بزرع مجموعة من الألغام في منطقة ناغورني قارباغ ، مما أدى إلى مقتل ستة مواطنين أذربيجانيين، واثنين من المدنيين وأربعة من ضباط الشرطة ، في انفجارين منفصلين وقد أصيب ستة ضباط من الشرطة بجروح خطيرة.، وقد جاء رد أذربيجان بأن قامت بإطلاق جملة من الإجراءات المتخذة لمكافحة الإرهاب تستهدف من خلالها التشكيلات والبنى التحتية العسكرية غير القانونية، حفاظاً على سيادة البلاد وسلامة أراضيها وحماية سلامة وأمن سكانها. ولقد أتت هذه التدابير بشكل محدد استهدفت بشكل حصري الأهداف العسكرية باستخدام ذخيرة عالية الدقة مع الامتثال الكامل لمعايير القانون الإنساني الدولي ، وقد تم اتخاذ كافة التدابيرالممكنة تجنبا لحدوث أضرارأخرى.
وفي أقل من 24 ساعة، أصبح النطاق المروع للعسكرة الغير القانونية للأراضي الأذربيجانية واضحا مع تحييد أكثر من 90 موقعا عسكريا، و 20 مركبة قتالية، و 40 قطعة مدفعية، و 30 قذيفة هاون، و 6 أنظمة حرب كهرومغناطيسية (EW)، و منظومتين صاروخيتين مضادتين للطائرات .
وإنه لمن الجدير بالقول ، فإن جمهورية أذربيجان كأي دولة لها سيادتها وكيانها سوف لن تقبل ابدا أي وجود عسكري غير مشروع وغير قانوني على أراضيها.
لقد حققت الإجراءات التي اتخذتها أذربيجان لمكافحة الإرهاب في أحداث 19 سبتمبر2023 بعد تلبية شروط باكو، إلى انسحاب القوات الأرمينية الفوري من أراضي أذربيجان وتسليم الأسلحة وحل المجموعات الأرمنية المسلحة غير الشرعية ،"إن ضمان السلام الدائم والتنمية والتقدم هو أساس رؤية أذربيجان للمستقبل".
إن أذربيجان مستعدة لتطبيع العلاقات مع أرمينيا على أساس الالتزام الصارم بمبادئ القانون الدولي، والأعتراف الدائم بوحدة وسيادة وسلامة الحدود والأراضي الدولية .وإن حكومتنا الحكيمة عازمة على إعادة دمج مواطنيها من أصل أرمني في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للدولة ، وتسعى ايضا لضمان نفس الحقوق لهم بغض النظر عن العرق أو الدين أو الانتماء، كما وتسعى لضرورة حفظ السلام والأمن في المنطقة ،وتدعو للتقيد ببنود البيان الثلاثي ، وإنه لمن المتوقع بأن يكون لأرمينيا الرد المماثل على هذه الخطوات التي تتخذتها أذربيجان في هذا الاتجاه.
إن إرادة الشعب الأذربيجاني القوية ،وقوتة الاقتصادية ، ووحدة شعبه وتلاحمه ، وتميزه ببناء الجيش الحديث ، وتاريخ أذربيجان العسكري الحافل بالأمجاد والانتصارات البطولية العديدة وأبطاله البواسل قد ساهم وبشكل فاعل في تحقيق هذا النصرالغير مسبوق الذي سجل شعب أذربيجان به صورا تاريخية مشرفة وأثبت للعالم أجمع أنه شعب قوي ومنتصر.
وهكذا فإن هذا النصر قد تحقق وقد كرس له يوما لنحتفل به، إن لقوة الشعب الأذربيجاني وكبريائة الوطني، أهمية بارزة في النهوض بمكانة الدولة الأذربيجانية وتطورها المستقبلي.
إن الثامن من نوفمبر - يوم النصر لأذربيجان وهو يوم الاحتفال بالقانون الدولي والعدالة ليشكل هذا التاريخ صفحة بطولية مجيدة استثنائية في تاريخ الشعب الأذربيجاني ، وفي هذا اليوم الوطني المجيد نستذكر بفخر وإجلال أرواح شهدائنا البواسل الذي قضوا وضحوا بحياتهم من أجل استقلال وسيادة ووحدة اراضيهم.