الدكتور فيصل السرحان استاذ العلاقات العامة المشارك
سأستهلّ اليوم حديثي عن مصطلح قديم جديد يسمّى " التهجير القسري"، ويجيئ هذا الحديث في الوقت الذي برزت فيه مستويات واضحة من شدّة التركيز عليه، في بعض وسائل الاعلام الامريكية والغربية والاسرائيلية واسعة الانتشار، وممن توصف بتحيزها ودعمها للكيان الصهيوني بشكل ملفت خلال الحرب الحالية على قطاع غزّة . عرّف القانون الدولي التهجير القسري بأنه " إخلاء غير قانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها، وهو يندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية "، في حين "حظرت المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص، أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراض أخرى، إلا في حال أن يكون هذا في صالحهم بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة ".
القاعدة القانونية العامة تؤكدّ على مبدأ أنه " لا إجتهاد في النص" الاّ انّ الكيان الصهيوني بحربه على غزة خالف هذا النص بشكل لا يعير الاخلاق أي إعتبار، وتخطّى ضارباً بعرض الحائط كلّ الاعراف والقواعد الدولية التي حرّمت وجرّمت الاقدام على مثل هذا الفعل الشنيئ. مفهوم التهجير القسري في مضمون الخطاب السياسي الامريكي والغربي (مبهم وضبابي) في حرب اسرائيل على قطاع غزة، الرئيس الامريكي بايدن صرّح مرات عديدة بأنه لا يؤيد التهجير القسري للشعب الفلسطيني في غزة، وتصريحاته هذه تضع العقل بالكف وتقود كلّ من يستمع اليها تجاه الوقوع في غياهب وأتون الحيرة والتيه، إنّه لأمر محيّر فعلاً ! ويا لعجبي من هذه التورية اللغوية العميقة في إستخدام النصوص السياسية المزدوجة المعاني، وهنا أتساءل : ألا توجد علاقة سببية يا سيادة الرئيس بايدن ما بين التهجير القسري لاهل غزة بإستخدام القوة الاسرائيلية المفرطة وبوحشية وما بين دفع الناس "دفعاً" للهجرة والنزوح من الاراضي التي ولدوا وعاشوا فيها؟ الرئيس بايدن آمل منك ومن معظم القادة الغربيين الآن وبسرعة إعادة النظر بمواقفكم وقراراتكم الداعمة لآلة الفتك الاسرائيلية والقائمين عليها، وأدعوكم أيضاً للاسراع في إعادة بناء صور دولكم والعمل بجدية على تحسينها وإعادة الثقة فيها عند كلّ شعوب المنطقة والعالم الحرّ، حيث أخال أنّ هذه الشعوب الحية لم تعد تأبه لاثمان مصادرة حريتها وفك قيود أسرها لأنها باتت تدرك بعمق أنّ ثمن الحرية ... هو الموت" .