بمناسبة يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني في التاسع والعشرين من تشرين الثاني 2023 خطّ صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم رسالة إلى رئيس لجنة الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني تحمل في ثناياها أعمق الرسائل والمعاني التي وجب على العالم أن يلتقطها، لما تمثله وتجسده من مواقف الأردن الواضحة والصريحة والتاريخية ورؤيته السياسية تجاه حل القضية الفلسطينية بما يؤول إلى حق تقرير المصير بموجب حل الدولتين.
فقد أكد جلالته في صلب هذه الرسالة بأنَّ القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأردن، فهي القضية الأولى، وقد وصفها جلالته في العديد من خطاباته بأنها "قضيتنا"، ولذلك فهي صلب السياسية والديبلوماسية الأردنية النشطة والديناميكية والمؤثرة في المشهد الدولي، وكذلك في الخطاب الإعلامي الأردني الرسمي وفي الدعم الأردني الموصول لدعم صمود الشعب الفلسطيني التوأم وثباته على أرض آبائه وأجداده وصون المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وذلك لما يربط الشعبين الأردني والفلسطيني من روابط التاريخ والجغرافيا والأخوّة والدم والعروبة والهوية النضالية التي تحافظ على كرامة الأمة ورسالتها في نشر قيم المحبة والوئام الديني والقيم الإنسانية والدينية المشتركة.
وقد برز هذا الدور كأبرز الأدوار العربية وأكثرها إشراقاً في التنديد بالعدوان الغاشم على غزة مستهدفاً المدنيين العزَّل ومنتهكاً القانون الدولي الإنساني حتى في استهداف المستشفيات والمدارس والتجمعات السكانية والبنية التحية ودور العبادة وكل مقومات الحياة، دفعاً لخلق واقع جديد يكون بالدرجة الأولى على حساب الأردن بتهجير أهلنا في غزة وأهلنا في الضفة لتصفية القضية الفلسطينية، الأمر الذي تنبه له صاحب الجلالة منذ البداية وبالتنسيق مع مصر الشقيقة تم الإعلان على أن اي تهجير هو خط أحمر وبمثابة إعلان حرب، وقد تمت الدعوة عبر القنوات الدولية إلى وقف العدوان فورا ً على غزة لمنع اشتعال المزيد من دوامات العنف وتوسع الصراع واستفحال المأساة والكارثة الإنسانية التي خلّفها العدوان البشع على أهلنا في قطاع غزة وإرتكاب المزيد من جرائم الحرب بإستمرار حرمان المواطنين من الماء والغذء والدواء والكهرباء والحصار.
كما دعا جلالته إلى فتح المعابر وفتح المجال الكامل لعمل المنظمات الإنسانية لضمان إيصال المساعدات الطبية والإغاثية الكاملة دون إنقطاع، وقام بكسر الحصار بعملية إنزال المعدات والأدوات الطبية على المستشفى الميداني الأردني في تل الهوى وإرسال قوافل المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، وبناء مستشفى ميداني عسكري ثان في خانيونس، وحديثاً فك الحصار عن كنيسة العائلة المقدسة لللاتين والتي احتضت ما يزيد عن 260 شخص مسلمين ومسيحيين، شركاء في الدم والحال والمصير.
ولم تخلو الرسالة من الإِشارة الواضحة والصريحة لدور الأردن في المحافظة على الوضع التاريخي والقانوني في الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية بالقدس وحمايتها ورعايتها من منطلق الوصاية الهاشمية، والتأكيد على القيم الدينية السمحة والقيم الإنسانية المشتركة الرافضة لكل أشكال العنف والتطرف والأرهاب، والتأكيد على أنه من حق الفلسطينيين التشبّث بحقوقهم التاريخية والنضال لتحقيق حلم إقامة دولتهم المستقلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية، مما يوفّر الأمن والإستقرار للفلسطيينيين والإسرائيليين على السواء وتنعم المنطقة بالسلام العادل والشامل.