الاعلام الرسمي اعلام متزن، ويتأني في العادة ريثما تتضح المعالم الاولية للحقيقة ليقدم للجمهور بعيدا عن مظاهر التسرع والانفعالات معلومات نقية صافية ومؤكدة لا شائبة فيها، حتى وان تأخرت لبعض الوقت.
وبين وقوع الحدث الامني الجسيم وبين الاعلان عنه، يستغل المشككون تلك الفترة الزمنية، وتندلع حمى الشائعات. وفوضى النشر، وتقتحم الاعلام لتشويه الصورة الوطنية، وقذف انجازات مؤسساتنا العسكرية والامنية وتضحياتها، والمعركة التي شهدتها حدودنا الشمالية مع مهربي الاسلحة والمخدرات كانت اقرب شاهد على ذلك.
حالة اعتيادية من التأخير الرسمي تأتي من باب التأني، ذلك ان حالة الارتباك التي تلي وقوع المفاجأات ظاهرة طبيعية عامة تلتصق بالإحداث الجسام ، وترافقها على الدوام كمتلازمة حتمية الوقوع مهما بلغت الاستعدادات وتوفرت الإمكانيات والخبرات ، وهو الأمر الذي لاحظناه خلال الهجمات الإرهابية المشابهة التي اجتاحت أكثر الدول منعة وتقدم وشهدت مثل هذا التأخر الرسمي في الاعلان.
بداية تفجر الأحداث الأمنية الخاطفة كأحداث الحدود بداية معتمة في اغلب الأحيان، ويدخل القادة الميدانيين خلالها في ظلمات حالكة لمدة قد تطول او تقصر تبعا لطبيعة الحدث والظروف المرافقة المحيطة . تغيب هنالك الحقيقة لبعض الوقت وتتصف بالغموض والإبهام، وتشح المعلومات وتتضارب الأنباء .ويختلط الحابل بالنابل، ثم يتبدد الظلام لتتضح معالم الحقيقة ،عند ذلك يشرع المختصون بمعالجة الموقف ، ويتمكن المسئول من إيفاء المواطنين حقهم في معرفة ما يجري، ووضعهم بصورة صافية نقية عن الأوضاع ، وتزويدهم بمعلومات واضحة وبالقدر الذي يسمح به الظرف ،دون إخلال بالأمن او مجريات العمليات الميدانية والتحقيق والعدالة، أو الإساءة للغير والمساس بكرامتهم وحقوقهم .ولقد نجحت معركة الجيش ضد المهربين والارهابيين في بكل المقاييس والمعايير العسكرية والأمنية، وزودنا الاعلام العسكري بما يكفينا من المعلومات الدقيقة الموثقة، ازالت غشاوة الشائعات وكانت محط للانظار وموضع الشكر والعرفان.
أهداف المشككين ومروجي الإشاعات لها طابع واحد مفكك، وهي ليست إصلاحية على اي حال ، ومن الضرورة بمكان ملاحقة من امتهن الخذلان والتجريح ممن استعصى عليهم الفهم وزاغت إبصارهم ، وتحدثوا بغير اختصاصهم، و بادروا الى إصدار أحكام وتحليلات وتفسيرات ارتجالية من نسج خيالهم الموبوء، وعجزوا عن تقديم اية قرينة او دليل ، بل لقد امعن بعض أصحاب النوافذ الإعلامية المضللة وبثوا إشاعات هدامة لهز الثقة وزعزعة الولاء الوطني.
سينفذ الصبر الرسمي، وتبقى ملاحقة المسيئين حق عام لا يجوز التغاضي عنه، والدولة الأردنية في أوج عظمتها وستضع حد للمتطاولين تحت ذريعة حرية التعبير .