للحديث عن الجيش العربي شجون وآفاق لا تنتهي بانتهاء الحروف، فالكلمة اليوم للجيش العربي صاحب السفر الخالد في سردية هذا الوطن المجيد، حيث يلتقي الجيش والوطن في جدلية أبدية قامت على مبدأ الوفاء والانتماء، والجيش هو الثابت الوحيد والأكيد في جملة المتغيرات، ومهما بلغت الكلمات من التعبير، فإنها من الترف بمكان أن تصل لمبتغاها في لحظات نعيشها بأمان؛ وجنودنا البواسل يرابطون على خطوط النار ليدرؤوا شرور العدو الصائل المتربص شرا بهذا الوطن، وهم لا زالوا يسطرون أروع ملاحم البطولة والتضحية ويبذلون النفس من أجل النفيس.
وحري بنا الآن وفي كل وقت بأن نلهج بذكر الجيش وأن نتغنى ببطولاته، وأن نستلهم قيمه ومبادئه، وأن نقدر تضحيات جنوده، فهو قصة الماضي والحاضر والمستقبل، نسجتها زنود العسكر الذين لم تنحني هاماتهم إلا لرب السماء، وهو الموئل والمعقل في زمن المحن، هو سيرة الجهاد والاستشهاد التي سطرها الهاشميون عبر التاريخ، وهم قادة الأمة وسراتها وعترة نبيها الطاهر المطهر، هو صيحة الحق في وجه الباطل، وهو سند المكلوم وحامي الحمى، فبوركت تلك السواعد والجباه السمر، وكان حليفها المجد والنصر دائما وأبدا.
والعسكرية وهكذا يسميها الأردنيون؛ هي المدرسة الوطنية للوفاء والنبل والكرامة والشهامة، وهي منبع الرجولة ومصدر الهوية الوطنية الممتدة؛ الضاربة بجذورها عمقا في تراب الأردن وقلوب الأردنيين الأوفياء منذ فجر التأسيس، تعهدها الهاشميون بالرعاية والبذل وهم في هذا الأمر أصل، والعسكرية عطاء، وتضحية وإيمان بالوطن والإنسان وهي الخير بعينه.
إن العسكرية هي روح السردية الأردنية، فكرة سامية تأسست على العدالة والحرية والبذل، وعبر تاريخها الناصع؛ لم تكن يوما إلا في صف الوطن تذود عن ترابه وشعبه ومؤسساته، وتقف في الصفوف الأولى للدفاع عن قضايا الأمة وترابها ومقدساتها، وتزف الشهيد تلو الشهيد؛ وهذا هو مصدر فخرنا واعتزازنا بقواتنا المسلحة التي أضحت نموذجا يحتذى في معاني النبل والكرامة والانضباط الصارم ومواجهة التحديات وإفشال المؤامرات ودحر المتآمرين وشذاذ الآفاق، فبارك الله بسواعد جنودنا وضباطنا وعزز جهدهم وجهادهم.
إن تاريخ القوات المسلحة الأردنية المجيدة (الجيش العربي)؛ حافل بالبطولات والتضحيات والمواقف المشرفة، وجنودنا البواسل المرابطون على خطوط النار؛ صاغوا بتضحياتهم نشيد النصر وأهزوجة الرجال في ميادين الشرف والعزة، فكانوا عن حسن ظن أبناء الوطن والقيادة، وشعارهم هو شعار الأردنيين جميعا منذ تأسيس الدولة (الله، الوطن، الملك)، فلله درهم؛ و(تا الله لا يأتي الزمان بمثلهم، ولا يحمي الثغور سواهم).
ومن هنا فإن رسالتي إلى الأردنيين الأباة؛ هي رسالة المواطن الشريف المنتمي في خضم هذه الظروف والتحديات الصعبة المحيطة في الإقليم؛ بأن يكونوا على قدر من الوعي والمسؤولية تجاه وطنهم، وأن يعلموا بأن الجيش العربي الأردني هو العروة الوثقى، وأن قيادتنا الهاشمية الحكيمة هي صمام الأمام لهذا الوطن، وأن ثمة من يتربص بنا الدوائر ويستهدف زعزعة أمن الوطن واستقراره، وأن نكون جميعا خلف القيادة والجيش؛ فحيثما يكون الجيش يكون الحق، وعندما يتعلق الأمر بالوطن والجيش تسقط جميع الخيارات والشعارات، والحق أولى أن يتبع، وأن تكون ثقتنا مطلقة بقيادتنا الحكيمة وبجيشنا المصطفوي، وبقدرات أجهزتنا الأمنية لمواجهة كافة التحديات المحتملة، وتحقيق الاستقرار الوطني، عاش الوطن، عاش الملك، والمجد والنصر لجيشنا العربي الباسل.