أعتذر عن الكتابة عن غير غزة وبطولاتها، والعجز العربي المكتسب؛ لأواصل استكمال "ما حدث" في الجامعة!!
لقد كانت جميع الأزمات السابقة- وهي من طابع واحد، ومن طرف واحد، ومن دون نية استفزاز- كانت تنتهي بانتصار الطرف المثير، الذي يرفع شعار حماية المجتمع! لقد استقال الرنتاوي، وكذلك الخضرا، ومُنعت الرواية في وزارة الثقافة بسبب جملة، وهوجم فيلم الحارة بسبب كلمة، وحُفِظ التمثال، أو أتلِف، وكان نصرًا مؤزرًا للمحتجين!
وهذا ما حدث تماما في أزمة امتحان الثقافة الوطنية في الجامعات أيضًا!
ومن الملاحظ في جميع الأزمات السابقة والحالية، أن طرفها واحد، وغاياتها واحدة، وأقول بحسن نية: إن غاياتها كلها ربما ادعاء حفظ المجتمع وأخلاقياته!
ومن الملاحظ في الاتجاه المعاكس أن ما يثار ضد أخطاء واضحة في المناهج، أو الكتب المدرسية حول مَن هو الأردني، أو ما جذور هُويّتنا لم يحرك ساكنًا شعبيّا ولا رسميّا!!
وهذا ما يجدر التوقف عنده، والوصول إلى استنتاجات!
(1)
مناهج الثقافة الوطنية في الجامعة.
ليس سرّا القول: إن الدراسة الجامعية ليست مقررًا في كتاب، وأن من المفروض أن تمتد نقاشات الجامعة، ونشاطاتها لتشمل ما يصعب مناقشته خارجها! هذه بديهيات كما ذكرت سابقًا!
بين يدي المنهاج المقرر في الجامعة ذات الصلة، وهو منهاج عادي اشتمل على موضوعات المرأة وتمكينها، والحقوق، ومشكلات الشباب، وثقافات المجتمع، وقيمه، وتراثه!
وقد تم تدريس المنهاج ستة فصول، ولم يحدث أن اعترض عليها أحد! وبكل موضوعية أقول: هذه موضوعات دخلت كل مناهجنا المدرسية، وفي معظم المواد، وليس فقط في الثقافة الوطنية، فموضوعات مثل المرأة، وحقوق الإنسان، هي موضوعات أساسية في مناهج اللغة العربية، والتربية الفنية، والتربية الرياضية، والدراسات الاجتماعية، والتربية الإسلامية. وفشلنا في إدخالها إلى المواد الأخرى لأسباب لا داعي لذكرها.
وهذه المناهج "الحديثة" والتي أشعر بجودتها كلها هي من إصدارات المركز الوطني للمناهج، وهي مُقَرّة رسميّا من جميع الجهات التربوية ذات الصلة.
إذن؛ نحن لسنا أمام قضية مناهج دراسية، وهل يجوز تدريسها أم لا؟ وبكل حيادية، إن جميع الموضوعات في مساق الثقافة الوطنية في الجامعة، هي موضوعات موجودة في المناهج المدرسية! كما أنها معقولة!
فالقضية: ليست مناهج، بل ما وراء المناهج!
فماذا في وراء المناهج؟
(2)
ماذا في الأزمة؟
ناقشت موضوع الأسئلة في المقالة السابقة، وقلت: ربما كان هناك أخطاء في صياغتها، لكن أتيح لي فهم ما يأتي:
- ما نُشر من أسئلة على الرأي العام، هو ما حفظه، أو نقله بعض الطلبة المفحوصين، الذين لم يعترضوا إطلاقًا على تعلم المادة" المتهمة"، كما لم يعترضوا على الأسئلة في قاعة الامتحان! وهذا ما يسمح بإثارة أسئلة محقّة مثل:
- هل هناك من محرضين ضد استقرار الجامعة الأردنية التي تشهد في عهد نذير عبيدات؟
أو حتى ضد مدرسي المادة؟
فالاستقرارً في جميع المجالات يعني تصفير المشاكل!
كما ان الجامعة الأردنية تشهد تطوّرًا غير مسبوق، أعلنته المقارنات، والتصنيفات، والمعايير الدولية، هذه حقيقة تقال سواء أكان نذير عبيدات قريبًا لي، أم لم يكن!
كما أن لدي معلومات تفيد أن الجامعة الأردنية تفكر بارتياد آفاق جديدة في تطوير برامجها!
فهل هناك من يعرقل ذلك!
هذه فرضية لا دليل واضحا لدي يدعمها! لكن في بلادنا يجب التحقق،
-وبرأيي _ وأكرر: إذا لم تكن الجامعة مكانًا آمنًا للنقاش، فأين يمكن أن يكون الأمن الفكري؟!
فالأسئلة برأيي أيضًا ليست هي المشكلة! ولم يطلع عليها أحد غير الفاحصين والمفحوصين، ولم يتسنّ لهم نقلها خارج قاعة الامتحان، وأن طريقة بناء الأسئلة لا يمكن أن يستطيع أحد حفظها وتذكرها خارج القاعة، وأقبل فرضية أن إضافة كلمة إلى السؤال، أو حذف كلمة قد يؤثر كثيرًا جدّا، مما قد يشعل فتيلًا!
فالموضوع: ليس جامعيّا ولا أخطاء مدرسين، ولا منهاج مقرر! ولا أسئلة "قليلة أدب"!
يجب البحث عما وراء الحدث!
وأكرر، إن قرارات تحت الضغط قد ينقصها العدل! هناك مدرسون تعرضوا لحملة تشهير وصلت الأعراض! وهذا ليس أمرًا ممتعًا! ولا مقبولًا!