لا لوصف ولا عنوان يناسب معاناة أطفال غزة سوى "أطفال بلا طفولة "أحياء على ذمة الموت ، بانتظار شهادة الوفاة .. طفولة باتت تفتقر لأدنى مقوماتها ، تبحث عن زواياها وملامحها فلا تجد بين أزقة غزة وحاراتها عنوانا، كبروا اطفالها وشابوا قبل أوانهم ، أحلام سرقت وبراءة قتلت ، يفترشون الارض ويلتحفون السماء ..كل قوانين الانسانية، والديمقراطية وحقوق الطفل ببنودها ونصوصها صممت لاجل أطفال العالم غير أطفال غزة، فاليوم العالمي للطفولة ليس له محل من الاعراب في غزة ..ولا حقوق المعوقين الذي يتغنون بها الغرب باعتباره انجازا للانسانية له قيمة ولا وزنا ، أمام أجساد اطفال غزة البريئة، التي توشحت بمختلف أنواع الاعاقات..
الطفولة بلا حقوق ليست بطفولة ..كل منا يهرب ويتجنب حضور افلام رعب وهو على يقين بأن هذا فلم ليس بحقيقي ، الا اطفال غزة يعيشون أفلام الرعب والخوف والقتل والتنكيل والدمار والحرمان يوميا ، مشاهد رعب حقيقية ليست مجرد احلام أو خيال ..
مدارسهم هي جراحهم وآلامهم، جدرانها ملطخة بدماء اسرهم..اصدقاءهم تحت الركام او ربما أشلاء في قبورهم ، العابهم وكتبهم واقلامهم ودفاتر رسوماتهم تناثرت على وقع طبول الحرب ، و القنابل الفسفورية والعنقودية ولحن المدافع وجميع الأسلحة المحرمة دوليا ..سرقت منهم براءة الطفولة واحلامها ، أطفال بلا معيل، بل هم من يتحملون اعالة بعضهم البعض ..أكبر أحلامهم " كسرة " من الخبز وشربة ماء نظيفة، وحمام يقضون حاجتهم ، وسقف يقيهم برد الشتاء وغزارة الأمطار الأطفال هم زينة الحياة الدنيا كما هو متعارف عليه شرعا ، وقناديل البيوت وزهورها ..أصبحوا هم الوجع والألم ..مدراسهم قصفت ، مستشفياتهم دمرت ، ملاعبهم حولت مقابر لدفن شهداءهم ، أي وجع يمكن وصفه كمثل هذا الوجع .. لا تحدثوني عن انسانية الغرب والرفق بالحيوان لم تعد تهمني ، لا تحدثوني عن عقوبة الحبس اذا تم التعامل بغير لطف مع الكلاب ، لأنها جريمة كبرى ، أما هدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها ، هي دفاع عن النفس ..لا تحدثوني عن مثالية القوانين ووقوف السيارات احتراما لمواكب الجنازات ..بل حدثوني عن نقل الجثث والشهداء على عربات الدواب لأن سيارات الإسعاف مستهدفة وغير آمنة ..لا تحدثوني عن جريمة ترك الطفل لوحدة بالبيت ، بل حدثوني عن أطفال مسحت عائلاتهم من القيد والسجل المدني ليبقى وحيدا يصارع ما تبقى من جدران بيته المهدم ..
ارحموا الطفولة ، الطفل الفلسطيني والغزاوي يصرخ ويناشد الانسانية المزعومة
l don’t want to
، survive. I want to live
بمعنى لا أريد أن أبقى على قيد الحياة بل أريد أن أعيش ..اتركونا نحلم كأطفال العالم ، نلعب ، نخربش على جدران بيوتنا وحاراتنا ، هي طفولتنا ، هي احلامنا ، حقنا بالعيش والحياة ..لا أريد هواتفكم الذكية ولا البليستيشن، أريد حضن أمي ، أريد أبي ، وأخي ، واختي ، وصديقي ..