الكوفحي يكتب قراءات في الانتصارات "
انتصار حطين وفتح القدس (٣)"
نيروز الإخبارية – بقلم الدكتور نبيل
الكوفحي رئيس بلدية اربد الكبرى
تعتبر معركة حطين حاسمةً في تاريخ
الامة الإسلامية، فقد أنهت حملتين من الحروب الصَّليبية دامت في بلاد المسلمين
أكثر من ٩٠ عاما. قضى القائد صلاح الدين فيها على أكبر جيش لهم قرابة ستين الفا
بجيش قوامه خمسة وعشرين الفا في حطين. وذهب نحو الساحل يحرره فاستسلمت عسقلان
وغزَّة، ليحمي ظهر المسلمين في معركة بيت المقدس القادمة ويمنع امدادات اوروبا
لهم. ثم اتجه نحو القدس لفتحها والتي حاصرها ستة ايام حتى استسلمت له بعد 88 عاماً
من الاحتلال ودخلها في يوم الجمعة في 27 رجب 583 هجرية، سجل فيها ملحمة انسانية في
حماية ارواح الاسرى وإطلاق سراحهم.
حكم صلاح الدين قرابة ٢٠ عاما، وحد
فيها بلاد الشام استعدادا لمعاركه الكبرى، وقد خاض فيها ٧٤ معركة. لم يكن انتصار
صلاح الدين وليد لحظته، بل رآكم العمل والاستعداد لسنوات طويلة، حيث وحّد الامة
وبنى جيشا اساسه الايمان والتقوى، واعد ما استطاع من عدة، حتى حقق نصرا مظفرا
للامة، وتم انهاء حقبة الاحتلال الصليبي لبلاد الشام والقدس.
لقد خطط وأعد منذ بدايته عمره لهذا،
وصدق فيه قوله تعالى (ولو ارادوا الخروج لأعدوا له عدة) وسجل نموذجا للقائد الزاهد
الحكيم الشجاع والقدوة. عاش صلاح الدين الايوبي قرابة ٤٧ عاما فقط قضى جلها على
صهوة فرسه نهارا، وفي سجوده ليلا بين يدي الله متذللا مستعينا بالله وحده، حتى منّ
الله عليه برحمته وبتخليد ذكره على مدى التاريخ.
ان اعادة جيش صلاح الدين عملية ممكنة،
فالقران العظيم لا زال مصدر التربية والالهام، ولنا في المجاهدين في غزة خير دليل
على ذلك، ان الشرف الرفيع عند الله والذكر الخالد عند الخلق بابه مفتوح لمن آمن
بالله وكتابه واخلص له واعدّ العدة لرفعة الامة، وان شجاعة خالد بين الوليد وصلاح
الدين الايوبي رضي الله عنهما وخوضهما لمئات المعارك، لم تُقصّر من اجلهما فلم
يموتا بأسلحة العدو، بل كما قال خالد؛ وها انذا أموت على فراشي (المرض)..، الا فلا
نامت أعين الجبناء. والى قراءة في انتصار اخر ان شاء الله