أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بشأن تشجيعه على غزو روسيا لدول أعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، غضب البيت الأبيض، الذي قال مساء السبت إنها "مروعة وفاقدة للصواب".
كان ترامب قد أدلى بهذه التصريحات خلال تجمع انتخابي في ساوث كارولاينا، حيث يخوض الرئيس الأمريكي السابق حملة لجمع التأييد وأصوات الناخبين قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية الأمريكية المنتظرة، شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
إذ قال الرئيس الأمريكي السابق، الذي بدا وكأنه يروي ما حدث في اجتماع مع زعماء لدول أعضاء في حلف شمال الأطلسي "وقف أحد رؤساء دولة كبيرة وقال: "حسناً يا سيدي إذا لم ندفع (الالتزامات المالية المقررة للحلف) وتعرضنا لهجوم من روسيا فهل ستحمينا؟
أضاف ترامب "قلت له: إذا لم تدفعوا وتخلفتم عن السداد فلا.. لن أحميكم. في واقع الأمر سأشجعهم (الروس) على عمل ما يريدون، عليكم أن تدفعوا وتسددوا فواتيركم".
عندما طُلب من المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بيتس التعليق على تصريحات ترامب، قال إن "تشجيع الأنظمة القاتلة لغزو أقرب حلفائنا أمر مروع وفاقد للصواب، ويعرض الأمن القومي الأمريكي والاستقرار العالمي واقتصادنا في الداخل للخطر"، وفق ما نقلته وكالة رويترز.
يُعتبر الناتو عبارة تحالف دفاعي أوروبي وأمريكي شمالي تم إنشاؤه لتعزيز السلام والاستقرار وحماية أمن أعضائه، والمادة 5 هي المبدأ الذي ينص على أن الهجوم على أحد أعضاء الناتو يعد هجوماً على جميع الدول الأعضاء في الحلف.
ادعاءات ترامب بشأن حلف شمال الأطلسي
لكن حسب شبكة "CNN" الأمريكية، فليس صحيحاً أن دول الناتو لم تكن تدفع "فواتيرها" حتى جاء ترامب، أو أنها كانت "متأخرة" بمعنى التخلف عن دفع الفواتير، كما أشار العديد من مدققي الحقائق عندما استخدم ترامب هذه اللغة مراراً وتكراراً خلال فترة رئاسته.
لم يتخلف أعضاء حلف شمال الأطلسي عن دفع حصتهم من الميزانية المشتركة لإدارة الحلف. وفي حين أنه من الصحيح أن معظم دول الناتو لم تحقق هدف الناتو المتمثل في إنفاق كل دولة ما لا يقل عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الشؤون الدفاعية، فإن نسبة 2% هو ما يسميه الناتو "المبدأ التوجيهي"؛ فهو ليس عقداً ملزماً، ولا يقيم التزامات.
يشار إلى أن إعادة الالتزام الرسمي لحلف شمال الأطلسي بمبدأ الـ 2% في عام 2014، ذكرت فقط أن الأعضاء الذين ليسوا عند هذا المستوى حالياً "سيهدفون إلى التحرك نحو المبدأ التوجيهي بنسبة 2% في غضون عقد من الزمن".
بينما نسب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، الفضل إلى ترامب في تأمين زيادة الإنفاق العسكري لأعضاء الناتو الأوروبيين، لكن تجدر الإشارة إلى أن إنفاق تلك الدول زاد أيضاً في العامين الأخيرين من إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية في عام 2014.
يقول الناتو على موقعه على الإنترنت إن عام 2022 كان "العام الثامن على التوالي الذي يشهد ارتفاع الإنفاق الدفاعي عبر الحلفاء الأوروبيين وكندا".
أزمات ترامب مع الناتو
مشاكل ترامب مع حلف شمال الأطلسي بدأت عندما كان رئيساً للولايات المتحدة، حيث كشفت تقارير إعلامية أمريكية أن الرئيس الأمريكي السابق قد تحدَّثَ مراراً في نقاشاتٍ فردية، عن الانسحاب من حلف شمال الأطلسي، وإذا فاز بولاية ثانية في الرئاسة قد يتمكَّن من الانسحاب بالفعل.
التقارير الأمريكية أفادت بأنه في عام 2020 انتاب المسؤولين في الولايات المتحدة وأوروبا القلق، من أن ترامب إذا فاز بولايةٍ ثانية في الرئاسة فقد يتجرَّأ على الانسحاب الفعلي من التحالف العسكري.
إذ قال مسؤولون كبار في الأمن الوطني في إدارة ترامب إن هذه الخطوة قد تصبح انتصاراً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يرى الناتو بمثابة حصنٍ أمام طموحاته العالمية.
كما أن لدى الرئيس الأمريكي ترامب تاريخاً في انتقاد حلف الناتو. ففي ديسمبر/كانون الأول، قوَّضَ أحد المبادئ الأساسية للتحالف حين طَرَحَ أن الولايات المتحدة قد لا تدافع عن دولةٍ عضو بالحلف حال تعرُّضها لهجوم.
فيما قال جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق لترامب، في يونيو/حزيران 2020، إن الرئيس السابق تصادَمَ مع قادة أوروبيين بشأن اعتقاده بأن الدول الأخرى لم تنفق ما يكفي من الأموال على الدفاع في قمة الناتو عام 2017.
بولتون قال في كتابه الحديث "The Room Where it Happened" إن ترامب كرَّرَ مراراً أنه أراد الانسحاب من الناتو. وفي شهر يوليو/تموز 2020، أخبَرَ بولتون صحيفةً إسبانية أن ترامب قد يعلن نيَّته الانسحاب من الحلف. وكالات