نجح الملك عبدالله الثانى فى حلحلة عقدة النزاع المستعصية منذ خمسة أشهر بين دول المركز ودول المحور فى موقعة اقتتال قطاع غزة، هذا ما تقوله جملة المتابعين في كتب التغذية الراجعة المتصلة بمجريات الأحداث حيث استطاع الملك عبدالله من بيان المعلومه الموضوعية وطرح جملة التعليل الاستنتاجية من الزاوية التقديرية التي تسمح للمستخلص الوصول للنتيجه المفيدة وليس الصحيحة فحسب لتقدير الموقف العام من زاوية الاهتمام المشترك التى تقف عليها جملة السلم والأمن الإقليمي والدولي.
كونها الزاوية التى تهتم بها دول المركز كما بيت القرار الدولي للمحافظة فى المقام الاول على الشرعية الدولية، وفي البيان الثانى على ديمومته الأحادية القطبية التى تقف عليها مشروعية قبول دول المركز كمرجعية في منطقة مهد الحضارات التاريخية التى تقدم القيم الإنسانية على المصالح البينية وحواضنها الثقافية التي تعلي من صوت العدالة على حساب نفوذ المنافع الآنية، وهو ما جعل بيت القرار يتبع وجهة نظر مغايرة عن تلك التى تقف عليها تل أبيب فى بيان الأحداث من زاوية نظر تقف عند المحدد الذاتى لسير الأحداث ولا تتناول المحددات الموضوعية فى بيانها العام.
وبعد خمس أشهر من اندلاع أزمة 7 أكتوبر التى ذهبت الرواية الاسرائيليه فيها تف على آليات الافعال ولا تاخذ الموضوع من باب المسبب والسبب بطريقه موضوعيه حيث استماله فيها دول المركز للدفاع عنها وعن وجودها "المهدد" من برابرة العصر الحديث فى غزة و ابتدعت عبرها قصة قطع الرؤوس وضرورة وقوف دول المركز معها ضد إرهاب المقاومة الفلسطينية التى لا تريد الخير للمنطقة وشعوبها، وأخذ الإعلام المتصهين عبرها من بيان صور انطباعية ليست حقيقية لطبيعة المعركة الدائرة بالاستفادة من تعاطف اللوبى المتصهين فى أروقة بيت القرار العالمي من جهة، وصمود المقاومة الفلسطينية ووقوف الحاضنة العربية معها بغطاء الدبلوماسية الأردنية من جهة أخرى.
حيث ايقن بيت القرار الأمريكي ضرورة الاستماع لوجهة نظر اخرى تمثل الحاضنة العربية وتبين طبيعة المرحلة بنظرة شمولية كاملة وهو ما استوجب افساح المجال أمامها لبيان حال الأمر والوقوف بشمولية تصور على ابعاد الازمة الدائرة وملاتها التى تنذر فى حال استمرارها لتوسيع دائرة المعارك في ربوع المنطقة وهو ما يهدد الامن والاستقرار الاقليمي والدولي.
ومن وحي تقدير الموقف العام الانسانية والسياسية والأمنية تمت دعوة جلالة الملك عبدالله الثاني للبيت الأبيض ولكافة دول المركز للاستماع لصوت العرب في المنطقة ولبيان الأمر والوصول لقرارات ملزمة تكون محط إجماع عربي وإقليمي ودولي يسمع بيت القرار عناوينه في واشنطن وأوتاوا ولندن وباريس وبرلين، تبتعد عن مسألة إدارة الأزمة وتقوم على حلها بالتعاطي معها بطريقة موضوعية بما يحفظ الأمن لإسرائيل عن طريق إدخالها كجزء من مجتمعات المنطقة وينتصر لعدالة القضية المركزية لدول المنطقة بما يجسد الحلم الفلسطيني في اقامة الدولة.
وهو ما تم بيانه بعد زيارة جلالة الملك لبيت القرار الأمريكي من خلال النقاط الأربعة التي حملها الملك كعنوان للزيارة، والتي جاءت متوافقة مع ما يقف عليه الرئيس بايدن في جملة الاستخلاص والتى بينت ما يلى :
اولا . ففي الجانب الميداني ضرورة إيجاد هدنة تقضي لوقف إطلاق النار بما ينهى حالة الغلو الغلواء المستشرية بين الجانبين وتحقيق مناخات من الهدوء النسبي يسمح بوصول الجميع الى ميادين التسوية والعودة لطاولة المفاوضات عبر ارضيه عمل تشاركية مشتركة تحقق السلم الاهلي والامن الاقليمي للجميع.
ثانيا .وفى الجانب الانساني ضرورة دعم الجهود الإنسانية لتقديم الإغاثة المعيشية الصحية بكل عناوينها ومستلزماتها اللازمة وكذلك دعم دور وكالة الغوث وتمكين دورها باعتبارها مؤسسة أممية ورافعه انسانية للشعب الفلسطيني، وهو ما يتطلب الشروع بتنفيذ برامج الإيواء المؤقت ودعم المجهودات الصحية التى تسمح بالحد دون تفاقم الازمة الوبائية التي بدأت تهدد الحالة الصحية فى القطاع ... اضافة لإطلاق مؤتمر دولى اعادة الاعمار فلسطين بقطاع غزة.
ثالثا . وفى الجانب السياسي اعادة بناء قوام جديد يسمح بإدخال الكل الفلسطيني بإطاره العام والتأكيد على مسألة المجموع الفلسطيني في الضفة والقدس والقطاع كل على يتجزأ من الإطار العام للشعب الفلسطيني كما الأرض الفلسطينية التي أقرتها قرارات الشرعية الفلسطينية هى عنوان وحدة التراب الفلسطيني التى ستقام عليها الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
رابعا . وفى الجانب الدبلوماسي إعطاء الصبغة الشرعية للدولة الفلسطينية عن طريق قرار دولى يصدر لهذه الغاية تصبح بموجبه الدولة الفلسطينية عضوا عاملا في الأمم المتحدة من دون تحديد فواصل وصفيه "منزوعة السلاح" او بيان عبارات استثنائيه حدوديه اما مساله تعاملها مع دول الجوار فتحددها العلاقات البينية والاتفاقات الضمنية السياسية والأمنية وهو ما اقتضى بيانه في جملة البيان الملكية.
وهي الأربعة محاور الرئيسية التى جعلت من الزيارة الملكية تحقق أهدافها وجعلت من جملة اتصالها ووصلها تشكل إضافة نوعية ليس للحاضنة العربية فقط وقضيتها المركزية إنما لدول المركز بشكل عام و الرئيس جو بايدن بشكل خاص الذي استقبله بحفاوة استقبال كبيره وجعل من مقر اقامة الملك عبدالله مقر رسمي لزيارة جميع الأعضاء فى مجلس الشيوخ والكونجرس و قيادات أميركية أمنية ودبلوماسية وإعلامية وازنة كونها في المحصلة تخدم مناخات الرئيس بايدن الانتخابية فى حواضنها العربية والإسلامية كما فى حاضره شباب الحزب الديموقراطي الأمريكي المناوئة لسياسات الرئيس جو بايدن المنحازة لإسرائيل.
وهو ما جعل من زيارة الملك عبدالله وجولاته لعواصم بيت القرار ترسم صوره جديده لمستقبل منطقة لا تقف محدداتها عند تصورات نتنياهو وأطماعه التوسعية ودوره الشرطي، انما تشرعن قيادة جديدة للمنطقة على أن لا تقف رؤيتها عند المصالح البينية بل تأخذها نظره شموليه تبين جوانب أمن المنطقة ومستقبل التعايش السلمي بين مجتمعاتها على أن يأتي ذلك وفق برنامج عمل يمكن شعوبها من رسالتهم تجاه الحياة ويزرع الأمل بنفوس الأجيال القادمة من باب المصالحة للذات ومدخل التعايش السلمي الموصل للسلم الاهلي المبنى على أرضية العدالة التي باتت معلومة بقيمها من وحي الزيارة الملكية التي جاءت بسياسة مفيدة وعناوين جديدة تقوم على احترام القانون الدولي وقيم العيش المشترك التي جاءت بها الرسل جميعا من منطقة مهد الحضارات وهى الجولة السياسية التي استطاعت بموضوعية تصور أن تغير زوايا النظرة لطريقة التعامل مع الأحداث وترسم عنوان جديد يبدأ بعنوان نقطة وسطر جديد.