ومن القدس إلى بئر السبع ؛ كان مناضلون من الحويطات وبني عطية وبدو الجنوب ، وضابط من الجيش الأردني اسمه صقر العبطان كانوا متحصنين بالجهة الغربية من منطقة بئر السبع . لحقت بهم ثلاث مدرعات، واحدة بها قائد الفئة حامد عايد من العجارمة، والثانية بها فهد مقبول يرحمه الله من بني صخر ، وأنا أمر مدرعة انسحبوا
جميعهم وتركوني مع المناضلين في منطقة بئر السبع . بدأ اليهود بالقصف على المناضلين بالطيران، وأيضاً حصلت معركة بيننا وبينهم. الطريق التي سلكها اليهود كانت منطقة وعرة، فترکت ست مدرعات وضربت السابعة الموجودة على الزاوية الآتية
من الخلف وبعدها دمرت المدرعات الست الأخرى. انسحب المناضلون من عندي وبقيت وحيدا في المنطقة، فجاء اليهود بمدفع من الجهة الشرقية وضربوا مدرعتي ودمروها، فقمت بفك الرشاش عن المدرعة، وحملت شراشير الذخيرة مع السائق وذهبنا باتجاه منطقة غربي غرندل. وعندما وصلنا المنطقة وجدناها محتلة، فذهبنا باتجاه الشرق وسرنا حوالي ٦٠ كيلومترا على الأقدام .
صادفت راعي إبل وعرضت عليه أن أستعير منه بعيرا، حتى نركب عليه ونحمل ذخيرتنا ونعطيه بالمقابل خمس ليرات، رفض وواصلنا الطريق للمجهول. وبحلول المساء مررنا برجلين تحتشجرة من منطقة بئر السبع يلعبان «السيجه»، سلمنا عليهما ولم يردا علينا تابعنا السير باتجاه الشرق ونحن غاية في التعب، وإذا بامرأة معها ماعز وحمار . أخذنا الحمار لكنه لم يلبث أن هرب منا فاضطررنا أن نحمل الرشاش والذخيرة وأكملنا مسيرنا، مررنا بمنطقة فيها تلة ومنها إلى رأس التلة وكان عليها شجرة زعرور، فجلسنا تحتها ومن شدة التعب نمنا.
في الصباح شاهدنا اليهود في الطريق تحت التلة؛ فاضطررنا أن نذهب إلى الجهة الشرقية وصولا إلى غرندل حيث كانت سرية من كتيبتنا وانضممنا إليها.
تقدم اليهود علينا، فيما قررنا نحن أن نأخذ الاتجاه المؤدي إلى العقبة لتغلق الطريق عليهم حتى لا يدخلوها، لكنهم دخلوا . كنتُ بالمدرعة التي استلمتها من هناك، ومعنا في السرية ثلاث مدرعات أخرى واستطعنا دحرهم.
السرية الثالثة ، وقائدها فليح ماطر ، انسحبت باتجاه غرندل وبقينا نحن باتجاه العقبة ، لنجد اليهود وقد احتلوا غربها وهي منطقة إيلات.
الإنجليز كانوا موجودين في العقبة عندما وصلنا وشرعنا نعيد تنظيم أنفسنا حيث دخلت الهدنة مرحلة التنفيذ واستمر الوضع الذي تكرس بتقسيم تلك المنطقة بين العقبة وإيلات.