يحتفل الأردنيون من كل عام في الأول من آذار، بذكرى تعريب قيادة الجيش العربي، عندما قام المغفور له الملك الحسين بن طلال عام ١٩٥٦م بقراره المفاجئ لكل العالم بإعفاء الفريق جون كلوب من مهامه كقائد للجيش، مع كامل الضباط الإنجليز، حيث جاء هذا القرار استثنائياَ، وقراراَ عظيماَ أعطى للجيش العربي الصلاحيات المطلقة في إدارة نفسه بنفسه، وجاءت تنحية الجنرال كلوب باشا بمثابة التخلص من آخر معاقل الاستعمار البريطاني، وحقق الأردنيين بهذه النقلة السيادة الكاملة على وطنهم، وكان لهذا القرار صدى عالمياَ وعربباَ، ومحلياَ.
قرار تعريب الجيش، شكل رؤية بعيدة المدى لجلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال وتصوراَ للقدرات العسكرية الأردنية في ذلك الوقت، حيث تم لاحقاَ، وضع خطة شاملة وإدخال تغييرات عديدة، تمكن القوات المسلحة أن تصل إلى أعلى مراحل التطور، والتدريب على أعلى المستويات أسوة بباقي الجيوش في الدول المتقدمة.
وحدث أن أصبحت القيادة والسيادة للجيش الأردني وتحققت الرؤى، وخاض الجيش الأردني معارك عديدة بقرار أردني حر، خارج عن أية تدخلات وإملاءات، خاضها مع الاحتلال الإسرائيلي وقدم الكثير من الشهداء على أسوار القدس، والمدن الفلسطينية، وكان السند القوي لإخوتنا في فلسطين وغزة إلى الآن، وساند الجيوش العربية، وشارك معها في أغلب معاركها.
التاريخ سطر في صفحاته عن الجيش الأردني ودوره العروبي البارز، ونحن كأردنيين لنا صفحات خاصة مسطرة بماء الذهب عن حكايا جيشنا العربي، وصورته في أذهاننا، حيث لا تزال ترويدات الجدات عن الجيش ترن في أذاننا، ونطرب لها، ونتخيل لباس الجيش المهيب، نرى كل عسكري جميل وفارس، نضرب لهم التحية عندما يمرون علينا ونحن نلعب، ذكريات الجيش زاخرة بقصص البطولة والإباء والتضحيات، ونواطير الأحياء الذين يبشرون بقدوم العساكر من فلسطين إلى أهاليهم، أو تلقي خبر شهيد ارتقى هناك خلال المعارك، ذاكرتنا تجمع مسميات ألوية وكتائب وفرق الجيش، "لواء أربعين المرعب لليهود" الجنود المنتسبين له كأنهم صفوة أبطال كل الأزمنة، وإذا ما رفعنا أعيننا للسماء نرى نسور سلاح الجو، المدربين بأعلى درجات الحرفية، وكانت لهم صولات وجولات في المعارك التي خاضها الجيش الأردني، ومن ينسى موفق السلطي، وفراس العجلوني،
ولا ننسى سلاح الهندسة الملكي الحاضر في كل الظروف، حتى في الأحوال الجوية عندما نسمع نشرة الأخبار، بأن سلاح الهندسة نزل على الشوارع، نشعر بالأمان وبأن كل شيء على ما يرام، سلاح الدروع والمشاة، وسيارات الكونتنتال، مشاهد لا تغيب عن الذاكرة، ومشاعر فخر واعتزاز تغمر القلوب.
ينتهي مقالي هذا ولا تنتهي قصص الجيش وبطولاته وتضحياته، لأن البورية، وبدلة الفوتيك معلقة في خزانة كل بيت أردني، ولأنه جيش حر فإن من يمتلك الحرية وسيادة القرار يصنع البطولات، ويقدم التضحيات، والتمسوا لي العذر للإطالة، فإن " ولفي شاري الموت لابس عسكري " وحري بي أن أجل هذا العسكري المهيب في ذكرى تعريب الجيش.