تذكرت في هذا اليوم الفضيل من الشهر المبارك... صديق لي رحمه الله ... تعرفت عليه في إيطاليا ... حيث كنت في دورة تدريبية بمدينة فلورنسا ....وعرفني عليه إبن العم العزيز عماد الهبارنة الدعجه المقيم في نفس المدينة ومازال وأصبح ولله الحمد والشكر من كبار التجار فيها ....حيث ابلغني عماد إنه سيعرفني على السفير الأردني في إيطاليا...فتعجبت من ذلك...أيعقل أن يترك السفير روما العاصمة الإيطالية...ويزاول مهامه من مدينة ثانوية...فأخبرني عماد الهبارنة أن هذا الشخص أقدم أردني في إيطاليا منذ عشرات السنيين ويطلقوا الاردنيون عليه لقب (السفير) حيث لا يأتي اردني أو مسؤول اردني الى ايطاليا إلا ويحل ضيفاً عليه ...
وفعلا توجهنا إلى احد المطاعم التي يملكها صديقنا بجانب الكتدرائية المشهورة في المدينة...وعرفني على الدكتور فتحي زعل النعيمي...المشهور بايطاليا لدى الطليان والعرب ب (فرانكو)...وهو رئيس الجالية الأردنية في ايطاليا....انذاك.
واستقبلني أفضل استقبال بمعية أبن العم الغالي عماد الهبارنة والشباب الاردنيين في مدينة فلورنسا والذين أذكر منهم رفيق السلاح عبدالرحمن العزام... أحد أبناء الشرطة الخاصة...
ومنذ ذلك الحين نشأت علاقة صداقة قوية بيني وبين الدكتور فتحي النعيمي... إلا أن المرض نال منه...فأصيب بمرض السرطان...فاضطر مغادرة ايطاليا والاستقرار في الاردن...وكان ايمانه بالله قوي جدا...ومعنوياته عالية جدا...فقاوم المرض...وافتتح مطعما ايطالياً مختص بالطعام الايطالي في جبل عمان الدوار الثاني....وكان زبائنه طليان أو عرب طليان أو ممن زار ايطاليا وتذوق الطعام الايطالي الشهير...وكنت بين الحين والآخر اتناول وجبة العشاء مع عائلتي في مطعمه ونجلس بالساعات نتجاذب اطراف الحديث...وكنت أتألم عليه جداً وهو يشرح لي عن معاناته مع العلاج الكيماوي...وبقينا كذلك...حتى انتشر مرض كورونا...حيث لزم المنزل ...واحيانا يحصل على تصريح يتجول بسيارته وحيداً في شوارع عمان....
ولكن قدر الله ومشيئته ...تمكن المرض منه....وغادر الدنيا بعد انقشاع غمامة كورونا بأشهر....
تذكرت الدكتور فتحي النعيمي ...بهذه الأيام الفضيلة...رغما أن طيفه دائماً يزورني...واتذكر الأيام الخوالي ...وثقافته العالمية الواسعة وعلمه العميق المتشعب ... وحكمته ونظرته للحياة بعد غربة فاقت الاربعين عاما...
رحم الله الدكتور فتحي النعيمي... الإنسان البدوي الطيب...الذي لم تنل الغربة من بداوته واصله الطيب...ولا من موروثه الشعبي وعاداته البدوية الاصيلة...ولا من معتقداته الدينية...فأخلاقه رغم غربته وعلمه وعالمه المختلفة ....بقيت عربية بدوية..حتى في تعامله مع الاجانب..
رحم الله الصديق العزيز الدكتور فتحي خزعل النعيمي وادخله فسيح جناته مع الانبياء والشهداء والصدقين والأبرار وحسن اولئك رفيقا باذن الله تعالى...
خاطرة من اعماق قلبي وعاطفتي تذكرت بها صديقي الذي مر طيفه أمامي الآن...
ترحموا عليه وادعوا له في هذه الأيام الفضيلة لعلها تكون ساعة استجابة ...جزاكم الله خيرا ....