تُصادف اليوم الخميس ، ذكرى معركة الكرامة التي بدأت فجر 21 مارس/ آذار، عام 1968 بين الجيش الأردني، وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وانتصر فيها الجيش العربي الأردني بعد قتال استمر 15 ساعة.
معركة الكرامة أسفرت عن استشهاد 86، وجرح 108 آخرين، وتدمير 13 دبابة، و39 آلية مختلفة للأردن، كما تفيد إحصاءات للجيش العربي.
لكن في المقابل قٌتل في المعركة 250 من القوات الإسرائيلية، وجرح 450 آخرون، ودمرت 88 آلية مختلفة، شملت 47 دبابة، و18 ناقلة، و24 سيارة مسلحة، و19 سيارة شحن، وأسقطت 7 طائرات مقاتلة.
ومن الجدير بالذكر أن يوم الكرامة من الأيام الخالدة في تاريخ الأمة، وله في نفوس أبناء الأسرة الأردنية الواحدة أعظم الذكرى والاعتزاز والفخار، حين سطّر نشامى الجيش العربي بدمائهم الزكية وأرواحهم النقية أروع ملحمة بطولية.
وسجل النشامى أول نصر تاريخي على الجيش الإسرائيلي المتغطرس، وحطموا أسطورته وأذلوا كبرياءه وغروره، ونقشت الكرامة الخالدة بطولات الجيش العربي على صفحات التاريخ المشرق، فعانقت أمجاد أجدادنا في حطين واليرموك وعين جالوت، وظل الجيش العربي عبر تاريخه المجيد المثل في التضحية والبطولة، تفخر الأمة وتتباهى بمواقفه الكبيرة في الذود عن حياض الوطن والعروبة.
معركة الكرامة سجل المجد وكتاب الخالدين سطّر خلالها البواسل الأبطال أنصع البطولات وأجمل الانتصارات على ثرى الأردن الطهور، وظلت أرواح الشهداء ترفرف في فضاء الأردن، فوق سهوله وهضابه وغوره وجباله، وتسلم على المرابطين فوق ثراه الطهور، ويتفتح دحنون غور الكرامة على نجيع دمهم الزكي، وتسري في العروق رعشة الفرح بالنصر ونشوة الافتخار بهذا الجيش العربي الهاشمي.
وأهداف إسرائيل من غزوها للأرض الأردنية يمكن تلخيصها، بمحاولة تحطيم القدرات العسكرية للقوات والقيادة الأردنية وزعزعة الثقة بنفسها بعد حرب حزيران، حيث بقيت قواتنا ثابتة بحيويتها ونشاطها وتصميمها على الكفاح من أجل إزالة آثار العدوان، وكانت القيادة الإسرائيلية تعتقد أن الجيش الأردني أصابه الوهن بعد حرب حزيران، فأخطأت التقدير لأن القيادة الأردنية عملت على إعادة التنظيم وبسرعة فائقة، واحتلت مواقع دفاعية جديدة على الضفة الشرقية لنهر الأردن، لتبقى روح القتال والتصميم في أعلى درجاتها.
ومع أن إسرائيل أعلنت أنها قامت بالهجوم لتدمير قوة المقاومين العرب في بلدة الكرامة، إلا أن الهدف من هذا العدوان كان مغايراً تماماً لهذا الإعلان، فالهدف كان احتلال المرتفعات الشرقية من المملكة (البلقاء)، والاقتراب من العاصمة عمّان للضغط على القيادة الأردنية لقبول شروط الاستسلام التي تفرضها إسرائيل، والعمل على توسيع حدودها بضم أجزاء جديدة من الأردن إليه.
ومن أهداف إسرائيل للغزو أيضا، محاولة احتلال أراض أردنية شرقي النهر والتشبث بها بقصد المساومة عليها، وذلك نظراً للأهمية الاستراتيجية لهذه المرتفعات الأردنية ولزيادة العمق الاستراتيجي الإسرائيلي، وضمان الأمن والهدوء على طول خط وقف إطلاق النار مع الأردن، وتوجيه ضربات مؤثرة وقوية للقوات الأردنية التي كانت توفر الحماية والدعم والمساندة للمقاومين العرب، وزعزعة المعنويات لدى الأردنيين القاطنين في منطقة الأغوار، من أجل نزوحهم من أراضيهم ومزارعهم ليشكلوا أعباء جديدة على الدولة، وحرمان المقاومة العربية من وجود قواعد لها بين السكان، بالإضافة إلى المحافظة على الروح المعنوية للجيش والشعب الإسرائيلي، بسبب عدم التجانس بين الغالبية العظمى منهم في التركيبة السكانية التي جاءت على شكل هجرات صهيونية إلى أرض فلسطين، والتخوف من إحاطة العرب بهم، فأراد العدو أن يقوم بهذه العملية لإزالة حالة الرعب السائدة بين قطاعات الجيش والشعب اليهودي.
ومن أهداف إسرائيل لغزو الأراضي الأردنية، الأطماع الإسرائيلية بالمرتفعات الشرقية من الناحية العسكرية والاستراتيجية والاقتصادية، فمناطق الأغوار غنية بالمصادر المائية والزراعية وتشكل مصدراً اقتصادياً استراتيجياً مهماً بالنسبة للأردن.
نيروز تسلط الضوء على أحد شهداء معركة الكرامة الخالدة وهو الشهيد الملازم محمد هويمل حتمل الزبن الذي سطر بدمائه الزكية الطاهرة أروع صور البطولة والشجاعة .
وفي التفاصيل ، الشهيد محمد هويمل حتمل الزبن ، لقد كان في إجازة زواجه ، ولم يتوانى لحظة عن تلبية نداء الوطن ليرتقي شهيدا يحلق في السماء على طريق حنظلة الغسيل ، كان قائدا لسرية دبابات مشاركة بالمعركة ، اجتمع مع أفراد سريته حاثهم على القتال حتى أخر رمق في حياتهم قائلا : اللي ما يموت اليوم ماهو اخوي ، فقاتل هو وزملاءه قتال الإبطال ، حتى اصيب بجروح بليغة ، لكنه ظل يقاتل ، وحين نفذ عتاده ناطح الدبابات الاسرائيلية بدبابته ، واخذ يطاردهم كالاسد حين يطارد فريسته ، لفظ انفاسه الاخيرة بعد ان اعطب اربعة دبابات، رحم الله شهداءنا الابرار .