في خطوة دبلوماسية لافتة، دخلت الصين مباشرة على خط الأزمة في غزة للمرة الأولى، منذ اندلاع الحرب، بعد اجتماع عُقد في قطر بين سفير الصين الأسبق لدى لبنان وانغ كيجيان، ومدير المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، بحسب تقرير لصحيفة " التايمز" اللندنية.
ورأت الصحيفة أن اللقاء بمثابة مؤشر على أن الصين بدأت تبتعد أكثر عن الموقفين الإسرائيلي والغربي من الأزمة.
في الأثناء، لم يصدر أي بيان رسمي من الوفد الصيني، سوى إشارة موجزة إلى أن الطرفين ناقشا الحرب في غزة، والمسائل ذات الصلة خلال اجتماعهما.
ومع ذلك، وفي أعقاب اجتماع آخر بين "وانغ" ووزير الدولة القطري محمد الخليفي، صدر بيان يدعو إلى وقف شامل لإطلاق النار، وتوفير المساعدات الإنسانية، والتوصل إلى حل عادل ودائم للمسألة الفلسطينية.
وبالنظر إلى علاقاتها الجيدة نسبيًا مع جميع أطراف النزاعات المختلفة في المنطقة، تم الترويج للصين بشكل كبير في السنوات الأخيرة باعتبارها وسيطا بديلا في أزمات الشرق الأوسط، بحسب التايمز التي أشارت إلى أن الصين تعد المشتري الرئيسي للنفطين السعودي والإيراني، فضلًا عن دعمها التاريخي الثابت للقضية الفلسطينية، الذي لم يمنعها من تطوير علاقات تجارية مع إسرائيل.
وبيّنت "التايمز" أن الصين قلصت مشاركتها في الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين على نحو ملحوظ، بعد هجوم 7 أكتوبر، وما تبعه من غزو إسرائيلي لقطاع غزة.
واقتصر تفاعلها مع الحرب على الاجتماعات الرسمية التي يعقدها المبعوث الصيني للشرق الأوسط مع الجامعة العربية، وبعض الدول العربية التي تتمتع بنفوذ أقل في المفاوضات مع إسرائيل.
غير أن وزير الخارجية الصيني "وانج يي" وجّه رسالة دعم قوية للجانب الفلسطيني أثناء الجلسة الأخيرة لمجلس الشعب الصيني (البرلمان الصيني)، منتقدًا ضمنًا الدعم الأمريكي لإسرائيل.
في المقابل، فإن قرار الصين الامتناع عن إرسال وزير خارجيتها أو مبعوثها الخاص إلى الشرق الأوسط "تشاي جون" للقاء حماس، يشير إلى أن بكين تتوخى الحذر بشأن إظهار الارتباط الوثيق بجماعة تصنفها الولايات المتحدة والدول الغربية منظمة إرهابية.
وبحسب الصحيفة أيضًا، يبدو أن الصين تحاول أن تضع نفسها لاعبا رئيسا في مفاوضات وقف إطلاق النار المحتمل، وتسويات السلام طويلة الأمد؛ إذ تدل زيارة "وانج يي" إلى كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية على نية بكين تأكيد نفوذها في المنطقة.
ومن خلال الاجتماع مع مسؤولي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وإجراء مناقشات مع مسؤولين إسرائيليين، أرادت بكين أن يُسمع صوتها في أي اتفاق لوقف إطلاق النار أو تسوية طويلة الأجل، وأن يُنظر إليها أيضًا على أنها ثقل موازن للولايات المتحدة في المنطقة.
باختصار، يعكس اتصال الصين مع حماس في خضم أزمة غزة تحولًا استراتيجيًا في توجهاتها الدبلوماسية حيال الشرق الأوسط.
ومن خلال النأي بنفسها عن الموقف الغربي والتأكيد على دورها كوسيط، تهدف الصين إلى لعب دور مهم في حل الصراع، وتشكيل المسار المستقبلي للمنطقة، وفقًا للتايمز.