أصدر الملك عبدالله الورقة النقاشية السابعة بعد إقرار الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية, وأتت هذه الورقة النقاشية مؤكدًة على تفاني الملك عبدالله في إعداد وتنمية العنصر البشري, متيمنًا بمقولة والده المغفور له الحسين بن طلال " إن الإنسان أغلى ما نملك, ويجب علينا أن نركز على تفاصيلها وعمقها من كل الجوانب وعلينا أن ننتقل الى كل مراحل التعليم وهي تتضمن مدخلات ومخرجات لبعضها البعض, لأنه إن فقدت إحدى هذه الحلقات رصانتها فلا نستطيع تأهيل عنصرنا البشري بأي حال من الأحوال ".
حيث جاءت هذه الورقة ضمن سلسلة أوراق نقاشية أصدرها الملك عبدالله الثاني, وتناولت مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الأردن وسبل النهوض بها, حيث نشر الملك عبدالله الثاني ورقته النقاشية السابعة في 15 \ نيسان \ 2017م , وتحدث فيها بشكل مُطول عن دور التعليم في نهضة الأمة, مشيرًا إلى أنه ما من أمة تنهض بغير التعليم, وان التعليم لا يعادل القطاعات الأخرى في الدولة, فهو الركن الأول في مسيرة بناء الدول وتقدمها وجعلها قادرة على الوقوف في وجه أي تحدي, وركزت الورقة النقاشية السابعة على قبول الآخرين, والعمل بروح الفريق واستثمار المهارات والكفاءات, والنهوض بالعملية التعليمية بعيدًا عن التفكير الضيق, ووضح الملك عبدالله أن العملية التعليمية قد تعرضت للكثير من المنافسة السياسية, سواء داخل المدارس او الجامعات او حتى في سوق العمل, مؤكدًا أن وتيرة التحديث لن تتوقف ابدًا وفي أي حال من الأحوال, وبَيّن الملك أن تطوير التعليم لم يكن كما هو عليه الأن, وهذا ما أدى الى وجود مُخرجات تعليمية غير مؤهلة للدخول في تحديات سوق العمل.
وأشارت الورقة النقاشية الى قناعة الملك عبدالله أن تطوير التعليم هي الدعامة الرئيسية للإصلاح الشامل في جميع القطاعات, لأن التعليم هو الأكثر تأثيرًا في مستقبل البلاد, ومن خلال التعليم فقط يتم تكوين جيل من الشباب ذوو الكفاءات وقادةً للمستقبل, وأكد الملك عبدالله على أن يكون التعليم في المملكة أنموذج يُحتذى به في المنطقة والعالم, وذلك بالسعي نحو تكوين نظام تربوي مميز ذا إتقان وجودة, واستثمار الموارد البشرية وإتاحة كل الفرص الممكنة للمعرفة والتعليم.
واشتملت على رؤية الملك عبدالله للتعليم من خلال العديد من البديهيات الأساسية التي سوف تؤثر إيجابيًا في رُقي التعليم, مثل الاستثمار في التعليم فقد عَدّ الملك عبدالله أن الإنسان هو الثروة الوطنية, التي ما إن نالت التعليم الحديث والوافي, حتى صنعت التغيير المرجو, مؤكدًا أنه يجب الاستثمار في هذه الثروة بكل قوة وحكمة, لذلك يجب توفير بيئة تعليمية مناسبة لإطلاق فكر الطلبة وطاقاتهم, ووضح الملك عبدالله أنه لابد من الاعتماد على اساليب تدريسية متطورة تخدم الهدف المنشود, إضافة الى ان تكون بعيدة كل البعد عن التلقين التقليدية, وأن تركز على الإبداع والتفكير, مُشيرًا إلى أن انتعاش الحضارات وتقدمها كان من خلال اهتمامهم بالتعليم.
وأبدى فيها الملك عبدالله حرصه الشديد على ضرورة الاعتزاز والفخر باللغة العربية والإرث الحضاري العربي الإسلامي, وشدد على أنه يجب على الطلبة أن يحبوا لغتهم العربية وأن يجيدوا تفاصيلها, لأنها المكون الأساسي لثقافتهم و بنائهم المعرفي الأصيل, وجعلها مادة للبحث والتحليل والنظر, لا مادة للتكرار, وقال الملك عبدالله أن العصور تختلف عن بعضها البعض ولكل عصر أدواته ووسائله الخاصة, وأشار الملك الى أن التعليم في وقتنا الحاضر يشهد تطورًا كبيرًا في مجال الإنترنت والتكنولوجيا, وصولًا الى إتقان لغات سامية عالمية أساسية, وذلك لامتلاك مهارات التواصل الفعال مع الآخرين, ليكون الفرد قادرًا على المساهمة في إنتاج المعرفة وإحداث التقدم.
ودعا الملك عبدالله الى ضرورة تطوير المناهج والكتب المدرسية والجامعية, لتفتح أمامهم أبواب التفكير الناقد, وموازنة آرائهم وتوجهاتهم, وترسيخ مبادئ الحوار والتعاون, وتعليمهم ثقافة التنوع, وتقبل الآخر مهما اختلفت الثقافات والأديان, كما وضح الملك عبدالله أهمية التدريب على جميع المهارات وإتاحة الخيار أمام الطلبة على التدريب بشكل فردي او على شكل مجموعات, مؤكدًا ان لكل فرد من الطلبة حق في المحاولة سواء أكانت ناجحة ام بائت بالفشل وقبوله.
كما أكد الملك عبدالله على ضرورة تنمية الكوادر التعليمية, لأن تعليم الطلبة على التفكير والإبداع يحتاج اهتماما وتأهيلًا من قبل المعلم, لذلك فإن المعلم بحاجة الى ان يمر في مراحل تأهيل وتدريب, لمساندته في فهم آلية تفكير الطلبة وتوجيههم نحو الصواب, موضحًا انه يجب ان يكون لدى المعلم نظرة إيجابية نحو قدرات كل طالب, بالإضافة الى تقدير أفكارهم ومرحلة النمو الفكري التي يمرون بها, وختم الملك عبدالله ورقته النقاشية السابعة مُعبرًا عن دعمه وسعادته بالتطوير الدائم للموارد البشرية والتعليم, راجيًا أن تعمل المؤسسات والمعلمين والطلبة والأهالي كيدًا واحدة, لتحقيق المبتغى.