في ضوء الأخبار المتناقلة هنا وهناك…واصطناع الإثارة في المجتمع الأكاديمي… وإشغال الجامعات والوسط الأكاديمي (بسولافة تغيير الرؤساء…!) التي اضحت بطولات متوارثة لبعض الوزراء… اصحاب الا فعل في معضلات التعليم العالي المؤرقة… والمُرَحلة من وزير لوزير… فيصمت احدهم دهراً وينطق كفراً… وتستمر الحكاية باختزال تطوير التعليم العالي وإعادة ألقه، بعبثية التغيير للرؤساء.. مرةً بالإعفاء ومرة بطلب الإستقالة… لتسجيل بطولات شخصية لوزير من باب تصفية الحسابات أو الشخصنة أو لأن هنالك أحدهم مدعوم ينتظر… وأصبحت قضية تغيير الرؤساء تتماها مع تغيير الوزراء… والذي اورثنا فشل الحكومات لتنتقل العدوى للجامعات…! ولعلكم تعرفون أن إحدى جامعاتنا في آخر بضع سنوات كان متوسط عمر الرئيس حول السنة ..!، وهنا يكمن السؤال للجهة التي عينت وهي في القانون مجلس التعليم العالي… وفي الباطن الوزير وجهات التدخل… التي تعرفونها… والمحصلة خطوات ثابتة للوراء… وتشويش العمل الأكاديمي وضياع هيبة رئاسات الجامعات…وقتل التطور والإبداع والمؤسسية وتنفيذ الخطط الإستراتيجية لجامعاتنا…وبالتالي خسارة الوطن..! فمن كان صالحاً عند التعيين بشهادة المجلس الذي يرئسه الوزير س… يصبح غير صالح بين عشية وضحاها ( عشرة اشهر للبعض وسنه وسنتان… للبعض الآخر)… وبشهادة ذات المجلس والوزير س… أو الوزير الجديد…!
معادلة تشي بعدم التخطيط… والمؤسسية والتخبط… والخاسر في النهاية الجامعات والوطن.
القضاء والأكاديميا… من ركائز أي دولة… ولا يجوز التدخل أو التأثير على عملها… وجرها للمراهقات الإدارية والسياسية والشخصية أو المحاصصة أو الواسطات والتدخلات… ودعونا نعترف أن كل هذا حصل ويحصل في جامعاتنا ومجتمعنا الأكاديمي...!
وليس من الحصافة أن يتدخل الوزير أو أي جهة ويؤثر على المجلس… لإحداث تغييرات عبثية.. لا تأتي بافضل ممن كان..! والدليل عدم حل مشاكل التعليم العالي لتاريخه... ( الإدارات، الحاكمية والتشريعات، المديونيات، أسس القبول، البحث العلمي، الجامعة المنتجة، التدريس، التخطيط وربط مخرجات التعليم العالي بمتطلبات سوق العمل، الشراكة مع القطاع الخاص، والدراسات التتبعية للخريجين، والخطط الدراسية، والعالمية، التقييم… مجالس الأمناء... وغيرها من الملفات التي اصبحت ملفاً مغلقاً… (ميت سريرياً) يورث من وزير إلى وزير بانتظار من يعلق الجرس… وتختزل جميعها في تغيير الرؤساء العبثي… وغير المستحق أحيانا كثيرة… وكل الملفات تراوح مكانها… وكأن التغيير بطولة من لا بطولات له… واستدرك؛ ..فالتغيير الجراحي واجب في ظل خروج عن أدبيات الإدارة والأكاديميا…أو الفساد المالي والإداري… فهذا استثناء يجوز في كل زمان ومكان.
آخر تغييرات للرؤساء لا تفصلها سنة او سنتان تقل وتزيد… وهنالك جامعات مستقرة مالياً وإدارياً… والمديونيات مرحلة للرؤساء الجدد ممن سبقهم… وبعض الجامعات مديونياتها وهمية… فإذا دفعت الجهات الحكومية المبتعثة ما عليها من التزامات للجامعات تصبح المديونية صفر.. ، ولا ننسى تناقص الدعم الحكومي للجامعات… وهنالك جامعات اسعار الساعات فيها منخفض جدا للبرامج القديمة… وممنوع رفعها..! فكيف نطلب من الرئيس الإبداع وهو مقيد بتعليمات وتشريعات وأعراف ليس له يد فيها..!
ثم أن ميزانيات الجامعات بالكاد تكفي رواتب العاملين..والنفقات الجارية وما يخصص للتطوير الأكاديمي والبحث العلمي والبنية التحتية الفنية والبشرية مبالغ ضئيلة لا تصنع تطويراً يعتد به… ولو غيرنا ألف رئيس..! أو عدنا لأدبيات (حصان البخيل…!).
فكما نعرف أن جامعات مثل الأردنية والتكنولوجيا والهاشمية والبلقاء مستقرة مالياً… وجامعات مثل اليرموك وآل البيت وبقية الجامعات تواجه أزمة مالية كبيرة ومديونيات مورثة تهدد مسيرتها… والحل بحاجة لدعم حكومي لها وللجامعات الأخرى المستقرة… لأن ميزانيات كل جامعاتنا في وضعها الحالي… لا تساوي 5% من ميزانية مشروع بحثي في إحدى جامعات الدول المتقدمة.. !
تطوير التعليم العالي بحاجة لجهد وطني من نخب أكاديمية وإدارية لوضع خطة عشرية محكمة لتطوير التعليم العالي… بملفاته كلها… والتوقف عن عبثية تغيير رؤساء الجامعات غير المبرر… والمجتر… والذي يعتبره بعض الوزراء قضيته الشخصية… ربما لتصفية حسابات… أو ترئيس لتابعين… أو لأمر في نفس يعقوب… وكل هذا اجترار للفشل… والتعامي عن المشاكل والملفات المؤجلة… ونحن ندخل المئوية الثانية من عمر الدولة…. وما زلنا نعيد ألف باء التعليم… ونناطح الكف بمخرز…!
التعليم العالي بحاجة لقادة من النخبة…فغياب النخب وفتح المجال للمتسكعين علي أعتاب المناصب… المفتقرين للكفاءة والحكمة أوصلنا للتراجع… وغياب أفق الإصلاح… فهل يكف البعض أيديهم أو تكف من قبل الحكومة… ونذهب لمؤتمر وطني أو لجنة وطنية لكل ملف من ملفات التعليم العالي، لتضع خطة تطوير تنفيذية عابرة للوزراء… ولا يأتيها الباطل على شكل تغيير رؤساء…! وتصنع تطوراً حقيقياً سبقتنا له دول مجاورة… ونحن مشغولون (بسولافة تغيير رؤساء الجامعات..!). اللهم اشهد إني قد بلغت بما دريت وعرفت…!.