في كل عام يطل يوم 31 مارس على شعب جمهورية أذربيجان حاملا معه ذكرى حزينة ممزوجة بالألام تارة وبروح التضحية والفداء والفخر والاعتزاز بما قدمه الشعب الأذربيجاني من تضحيات تارة اخرى، تعيش هذه الذكرى في وجدان كل مواطن أذربيجاني بما تمثله من تضحيات جسيمة في الأرواح والممتلكات التي تجسدت على شكل أبادة جماعية وتخريب وتدمير على أيدي المعتدين الأرمن ، والتي شكلت امتداد لأكثر من مئتي عام من التضحية والألم والفداء قدمها الشعب الأذربيجاني في سبيل وطنه لنيل حريته وكرامته وسيادته.
لقد تجسد العدوان العسكري الأرمني على أذربيجان في أبشع صوره ما بين عامي 1989 – 1993 حيث انتهج الأرمن سياسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد المواطنين الأذربيجانين العزل وقاموا بحملات التطهير العرقي واجلاء السكان من مدنهم الاصلية بحيث اصبح أكثر من مليون مواطن أذربيجاني لاجئين يعيشون في ظروف معيشية قاسية ويفتقدون لادنى مقومات الحياة الآدمية.
لقد عمد الأرمن الى تشريد اكثر من 250 الف أذربيجاني ما بين عامي 1988 – 1989 ممن ولدوا وعاشو طوال حياتهم في أراضي أبائهم واجدادهم. ولم يقتصر العدوان الأرمني داخل أراضي أذربيجان ، بل عمد الأرمن الى تدمير أكثر من 20 الف منزل ومسكن في 185 منطقة سكنية داخل جمهورية أرمينيا تعود ملكيتها الى مواطنين أذربيجانينين ، حيث فقد هؤلاء اموالهم واملاكهم وعقاراتهم ومن جهة أخرى تم احلال وتوطين الاف الأرمن داخل الارضي الاذربيجانية التاريخية ومنها ولاية قراباغ ويرفان.
لقد شكلت عمليات التوطين التي قام بها الأرمن في ذلك الحين بداية حملات الإبادة الجماعية ضد الشعب الأذربيجاني حيث عملت بعض الدول الكبرى على مساعدة الأرمن وتقديم كافة انواع الدعم والمساندة لهم . ونتيجة لهذا الدعم عمد الأرمن الى تهجير الأذربيجانيين واجبارهم على ترك ديارهم من خلال عمليات القتل والنهب والتدمير والترهيب.
ولا زالت مدينة يرفان شاهدا حيا على عمليات التطهير العرقي التي تمت على ايدي المعتدين الأرمن فقد كان يعيش في يرفان سنة 1916 أكثر من نصف مليون مواطن أذربيجاني ، غير أن عدد سكانها انخفض خلال الخمس سنوات التي تلت ذلك العام الى أقل من 70 الف فقط .
لقد توالت حملات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الاذربيجاني بصورة منهجية ومنظمة على أيدي الأرمن. وبلغ هذا الاعتداء أوجه عندما قامت أرمينيا بعدوانها الصارخ بالاعتداء على أذربيجان وإخضاع ولاية قراباغ الأذربيجانية بالكامل واحتلالها بالقوة العسكرية.
نتج عن العدوان الأرمني ضد جمهورية أذربيجان احتلال 17 الف كيلومترمربع من الأرضي تضم 14 مدينة وناحية و1000 قرية وبلدة، وهو ما يمثل 20 % من مجمل مساحة الأراضي الاذربيجانية وأدى هذا العدوان إلى تدمير البنية الاقتصادية للدولة، والحاق خسائر مادية فادحة بأذربيجان.
لقد تبنت أرمينيا سياسة عدوانية تجاه جارتها أذربيجان وعاثت دمارا وخرابا وافسادا بطريقة منهجية ولا يخفى على احد ان الهدف الاستراتيجي لأرمينيا من وراء هذه الممارسات العدوانية هو إقامة دولة أرمينيا الكبرى من بحر قزوين إلى البحر الأسود. ولا أدل على ذلك من قيام الأرمن بالأعتداء بجيوشهم على أراضي أذربيجان ثلاث مرات خلال القرن العشرين ، ودخول الجيش الأرميني إلى باكو عاصمة أذربيجان عام 1918م ، حيث قتل أكثر من 13 الف من المسلمين بعد ان تم تعذيبهم والتنكيل بهم.
وفي كل عام تقوم أذربيجان حكومة وشعبا بإحياء ذكرى الواحد والثلاثين من مارس يوم الإبادة الجماعية ، كما تناشد المجتمع الدولي بإدانة ورفض كل اشكال الإرهاب ووالإبادة الجماعية .
لقد بدأ الرأي العام العالمي يستجيب لهذا النداء حيث قامت العديد من الدول الصديقة والشقيقة بشجب عدوان أرمينيا على أذربيجان عبر المنظمات الدولية ذات النفوذ مثل منظمة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي اللتان أصدرتا قرارات تدين فيها العدوان الأرميني ، وتطالب بسحب قوات الاحتلال من الأراضي الأذربيجانية .كما بدأ المجتمع الدولي يتفهم شيئا فشيئا قضية أذربيجان العادلة وضرورة إيجاد حل عادل للنزاع الأذربيجاني الأرميني آجلا أو عاجلا ، ومن الجدير بالذكر إلى أنه قد تم تحرير الأراضي الأذربيجانية من الإحتلال الأرمني بنجاح على يد الجيش الاذربيجاني المغوار الذي قام باعلاء راية الحق والعدالة التاريخية معتمدا على الحقوق الدولية… وقد أعلن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف يوم 8 نوفمبر "يوم النصر في الحرب الوطنية الأذربيجانية"، لتحرير إقليم قرة باغ والمحافظات المحيطة به، من الاحتلال الأرميني.
وبعد مرور 30 عاما على الاحتلال الأرميني للأراضي الأذربيجانية، تمكنت قوات باكو من تحرير أراضيها عقب صراع دام لمدة 44 يوما.وهو تاريخ دخول قوات بلاده إلى مدينة شوشة بعد تحريرها ، مع الأسف لم تنفذ أرمينيا ما تطالب الحقوق الدولية كما لم تنجح المنظمات العالمية في إقناع أرمينيا لتنفيذها ولم تتم أي عقوبة على أرمينيا التي رفضت تنفيذ ما تطالب الحقوق العالمية خلال ما يقارب 30 سنة مما أدى إلى إشتعال النار بتجديد الحرب بعد أن تمت الموافقة على وقف اطلاق النار .
وفي 19 سبتمبر/ أيلول 2023، أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية، في بيان، إطلاق عملية ضد الإرهاب "بهدف إرساء النظام الدستوري في إقليم قره باغ" ، وبعد يوم واحد، أعلنت الدفاع الأذربيجانية أن ممثلي السكان الأرمن في "قرة باغ" تقدموا بطلب عن طريق قوات حفظ السلام الروسية المتمركزة في المنطقة، تم بموجبه التوصل إلى اتفاق لوقف باكو عمليتها ضد الإرهاب في الإقليم، وتخلي المجموعات المسلحة الأرمنية غير القانونية والقوات المسلحة الأرمينية الموجودة في قره باغ عن سلاحها، وإخلاء مواقعها العسكرية.