قالت صحيفة "التايمز" البريطانية، إن تحقيق إسرائيل نصرًا كاملًا في غزة لم يعد يلُوح في الأفق.
يأتي ذلك، بعد مرور 6 أشهر على بدء الحرب في قطاع غزة "ضد عدو أصغر حجمًا" من خصوم إسرائيل السابقين، وفق الصحيفة.
وأشارت إلى حالة من الشعور العام المتزايد بالإحباط داخل إسرائيل مدفوعًا بتساؤل عن عدم قدرة الجيش الذي تتبجح به إسرائيل كثيرًا، والذي انتصر في الحروب السابقة ضد أعداء أكبر بكثير من حركة حماس على تحقيق النصر.
وشددت على أن الحروب ومنطقة الشرق الأوسط قد تغيّرا، بشكل جذري، منذ الستينيات، وفي حين وعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الإسرائيليين بتحقيق "النصر الكامل" على حماس، فإن تعريفات النصر لم تعد واضحة المعالم، وإسرائيل لم تنجح في الأهداف التي وضعتها عندما شنت الحرب على القطاع.
وأكدت الصحيفة، أن تقديرات إسرائيل إلى تتحدث عن تدميرها نصف قوة حماس المقاتلة، مشيرة إلى أن ذلك ومن الناحية العسكرية التقليدية، يعد انتصارًا.
لكن في المقابل شددت "التايمز" على أنه وحتى لو تم "تفكيك" البنية العسكرية لحماس كما يدعي الجيش الإسرائيلي، فلا يزال لديها آلاف المقاتلين في غزة، الذين يعملون في خلايا صغيرة على أراضيهم.
مستقبل قطاع غزة
وتابعت: "الحديث عن مستقبل غزة لن يتم تحديده من قبل الجيش الإسرائيلي فحسب، بل من قبل السياسيين الذين سيقررون من سيتولّى، في أعقاب ذلك، المسؤولية في غزة، ويتولّى المهمة الضخمة المتمثلة في إعادة البناء - والتي يقدر البنك الدولي تكلفتها بما لا يقل عن 15 مليار دولار.
وأردفت الصحيفة أن "إسرائيل لا تريد إعادة احتلال غزة بشكل دائم، باستثناء اليمين الديني المتطرف الذي يحلم ببناء المستوطنات اليهودية هناك."
ولفتت إلى أن حكومة نتنياهو لم تتوصل بعد إلى إستراتيجية متماسكة حول مرحلة ما بعد انتهاء الحرب.
واستطردت أنه "في الوقت الحاضر يتلخص البديل الوحيد القابل للتطبيق في عودة السلطة الفلسطينية، التي تتخذ من رام الله مقرًا لها في الضفة الغربية، والتي طردتها حماس من غزة في الانقلاب الدموي الذي حدث في العام 2007."
ووفق "تايمز"، فإن نتنياهو وشركاءه في الائتلاف اليميني المتطرف يعارضون بشدة إعطاء السلطة الفلسطينية دورًا في غزة لأنهم يخشون أن يؤدي ذلك إلى حل الدولتين، والذي بموجبه سيتعين على إسرائيل التخلي عن سيطرتها على الضفة الغربية المحتلة.
تحرير الرهائن
وأشارت إلى أن تحرير الرهائن كان الهدف الرئيس الآخر لإسرائيل في بداية الحرب والبالغ عددهم 250 رهينة محتجزين لدى حماس، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، مشددة على أن ذلك يبيّن أنه مهمة مستحيلة عسكريًا.
ونقلت عن أحد الضباط الذي وصفته بـ"المخضرم" في إسرائيل دون أن تسمه قوله، إن "المشكلة هي أننا نحاول تنفيذ 3 مهام مختلفة للغاية في وقت واحد".
وأضاف أن "تدمير حماس، وتحديد مكان قادتها والقضاء عليهم، وإنقاذ الرهائن، كلها مهام تتطلب تكتيكات وأنواعًا مختلفة من الوحدات ولا يمكنك القيام بالثلاثة في وقت واحد، خاصة عندما يكون لدى العدو الكثير من الأنفاق للاختباء فيها".
ورأت الصحيفة أن التعهد بإنقاذ جميع الرهائن لم يتم الوفاء به، وأن البديل الوحيد لذلك هو "استخدام الضغط العسكري لمحاولة إرغام حماس على الموافقة على صفقة إطلاق سراح الرهائن".
لكن في المقابل أكدت أن المعضلة هنا تتمثل بأن تنازل حماس في ملف الرهائن أو المضي قُدمًا في الحملة العسكرية التي فشلت حتى الآن في تحقيق هذا الهدف تعمل على تقسيم إسرائيل.
الحرب الدعائية
واعتبرت أنه في غضون 6 أشهر تحولت إسرائيل من موقف الحصول على تعاطف العالم إلى ابتعاد أقرب حليف لها عنها خلال الحرب المستمرة على القطاع.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي جو بايدن حذر، الأسبوع الماضي، من أن السياسة الأمريكية ستتغير إذا لم تفعل إسرائيل المزيد على الفور للتخفيف من الأزمة الإنسانية، وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين في غزة.
ورأت الصحيفة أن إسرائيل فقدت حجة امتلاكها "علاقاتها الدولية" مع استمرار ارتفاع أعداد الضحايا، وانتشار صور الدمار في جميع أنحاء العالم.
وأوضحت أنه سيستغرق الأمر سنوات بالنسبة لإسرائيل قبل أن تتمكن من استعادة الرأي العام المؤيد لها في الخارج.