تستقبل غزة الجريحة عيد الفطر المبارك في خضم حرب مشتعلة لا يُعرف لها نهاية؛ إذ لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يمارس مذابحه في حق المدنيين الأبرياء، وانتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان، وسياسة تجويع سكان القطاع وإذلالهم.
ومع دخول الحرب الإسرائيلية الغاشمة على القطاع شهرها السابع يستمر القصف الإسرائيلي في حصد المزيد من الأرواح البريئة بدم بارد، في الوقت الذي يضرب فيه الاحتلال بالقرارات الأممية والدولية الداعية لوقف فوري لإطلاق النار عرض الحائط.
عيد بلا فرحة
وعلى الرغم من استمرار المباحثات في العاصمة المصرية القاهرة بين جميع الأطراف الفاعلة؛ لوضع حد للحرب الغاشمة، استمرت إسرائيل في قصف المنازل والمخيمات قبيل ساعات من حلول العيد، في الوقت الذي أكد فيه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أن "موعد اجتياح رفح حُدد"، فيما نفت الولايات المتحدة علمها بموعد الخطة الإسرائيلية المرتقبة، التي بموجبها ستجتاح تل أبيب المدينة التي نزح إليها ما يزيد على مليونَي فلسطيني كآخر حصونهم الممكنة من جنون الحرب؛ ما ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة.
أكثر من 33 ألف شهيد، وما يزيد على 75 ألف مصاب، هم حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع؛ وهو الأمر الذي انعكس على محيا السكان الذين يستقبلون العيد بلا فرحة، وبحزن يظهر على الوجوه قبل القلوب، وفي ظل شح المواد الغذائية ومقاضي العيد من الأسواق، فضلاً عن ارتفاع الأسعار الجنوني.
فمظاهر العيد المبهجة اختفت من غزة، وحل محلها الحزن، ولم يبق منها إلا القليل، فيما كانت المفارقة أن يجلس البائعون ببعض الألعاب البسيطة، أو الأصناف القليلة من الكعك، فيما يظهر في خلفيتهم أنقاض وركام المنازل.
حرب تجويع
وبالتوازي مع القصف والمذابح، تستمر حرب التجويع الإسرائيلية، بعرقلة نفاذ المساعدات الإنسانية؛ إذ تواجه غزة شحًا غير عادي في المواد الغذائية، ومياه الشرب النظيفة، والأدوية والمستلزمات الطبية.
ويعاني القطاع من مستويات جوع شديدة في ظل نقص الإمدادات الغذائية والمساعدات الإنسانية، في الوقت الذي تمارس فيه إسرائيل حصارًا على غزة، وتمنع أو تعرقل دخول الإمدادات ونفاذها؛ ما دعا عددًا من الدول إلى القيام بإنزال جوي للمساعدات على المناطق التي يصعب الوصول إليها في غزة.
ويواجه السكان الذين يبلغ عددهم نحو مليونَيْن شبح الموت، ولاسيما في شمال القطاع؛ إذ لا تسهل السلطات الإسرائيلية نفاذ الإمدادات إلا بمقدار 25% فقط من المساعدات المقررة إلى الجزء الشمالي من غزة.
وتسبب الجفاف والجوع غير المسبوق في وفاة ما لا يقل عن 34 شخصًا، بينهم أطفال ورضع، في ظل ندرة الإمدادات الغذائية والمساعدات الإنسانية، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.
واتهمت الأمم المتحدة الاحتلال الإسرائيلي بعرقلة وصول المساعدات، وتعطيل توزيع المواد الغذائية.
وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" ينس ليركه: "إن عمليات توصيل المواد الغذائية التي تنسقها الأمم المتحدة هي أكثر عرضة للعرقلة أو منع الوصول من أي مهمة إنسانية أخرى".
وأضاف بأن ذلك يعني -مستشهدًا بإحصائيات شهر مارس- أن "القوافل الغذائية المتوقع توجهها، وخصوصًا إلى الشمال، حيث يعاني 70% من السكان ظروفًا شبيهة بالمجاعة، من المرجح أن يتم رفضها ثلاث مرات أكثر من القوافل الإنسانية الأخرى".
ونالت تل أبيب نصيبًا من النقد من مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، سامانثا باور، التي قالت إن إسرائيل لم تفعل ما يكفي لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة وسط "ظروف تشبه المجاعة".
وأضافت "باور" في جلسة استماع للجنة الفرعية للتخصيصات المالية والعمليات الأجنبية والبرامج ذات الصلة بمجلس الشيوخ الأمريكي: "أعتقد أن إسرائيل لم تفعل ما يكفي لتسهيل وصول المساعدات التي نحتاج إليها لتغيير الظروف الغذائية التي نشهدها لتجنب المجاعة في غزة".
وأدى استمرار التعنت الإسرائيلي إلى إلقاء وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن باللائمة على الاحتلال بشكل غير مباشر؛ إذ صرح مؤخرًا بأن مجاعة واسعة النطاق في غزة ستسرع وتيرة العنف في الشرق الأوسط، وتؤدي إلى صراع طويل الأمد.