وصلت الفندق الذي سأقيم فيه، في نيويورك مساء ليلة من ليالي شباط عام ٢٠١١،حيث كنت قد رُشحت لإلقاء كلمة في البعثة الأمريكية - الأمم المتحدة - ممثلة لنساء الريف العربي.
صباح اليوم الأول، نزلت إلى بهو الفندق، جُلت ببصري بحثًا عن سحنة تشبهني. تهيبت دخول المطعم للإفظار، توجهت نحو الرسبشن طلبًا لمساعدة الموظفة حول كيفية حصولي على كرت تلفون، وقفت أنتظر كي تنهي محادثة مع شخص آخر، أثناء ذلك الوقت، اقترب مني شاب قمحي اللون، قال هاشًا:صباح الخير، رددت عليه الصباح...
بادرني موضحًا هويته : أسمي أمير، بدوي من فلسطن، ونسب نفسه لعائلة بدوية مشهورة.. فرحت، عربي وبدَي في آن واحد .. سبحانك.
أخذني إلى محل قريب،وساعدني في تفعيل هاتفي... شرحت له عن أسباب تواجدي، وافضيت- كعادة العرب- بكل مافي جعبتي من أول محادثة.
سألته عن طبيعة عمله في نيويورك، أجاب أنه أنهى دراسته الجامعية، ويعمل الآن مع مجموعة من الناشطين، في تنظيم جولات ميدانية على الجامعات الأمريكية، وعقد ندوات للطلبة فيها.
- طيب.. شو مواضيع هذه الندوات استاذ أمير؟
* نزور الجامعات ونشرح للطلاب عن دولة ازرائيل.
-تراجعت خطوة للخلف.. من كل عقلك، وللأ بتمزح؟!
* ليش مستغربة؟!
- يارجل كيف عربي وفلسطيني يعمل هيك ؟! مجنون أنت؟! لا لا مستحيل.
* إجيت أدرس هون من كم سنه، انقطعت وفلّست، مقدرتش أكمل، مالقيت شغل، ما ظل معي حق لقمة خبز، نمت بالحديقة ،ماخليت باب، ماحدا ساعدني، إلا الوكالة اليهود،ية. ساعدتني وكملت دراستي واشتغلت.
- أنت مش طبيعي ..تشتغل معهم وترّوج إلهم ؟!
* ماتنسيش إنو في بيننا صار معاهدات سلام، ماعدش في حرب.
-معاهدات مش أكثر من هُدن، مستحيل يصير بينا سلام، بيننا بحر دم،كيف تمشي مع ناس احتلوا أرضنا وقتلوا أهلنا... فافترقت عنه كضربة سيف. .
جلست صباحًا أتفرج على حركة المدينه من وراء الزجاج، إلتفت لصوت جلبة مقبلة نحوي ، بدا أمير متقدمًا مجموعة من كلا الجنسين.... أشار صوبي قائلاً بالعربية : هاي هي ميسر، حكيت إلكم عنها. تقول أنه صار بيننا دم، ولايمكن يصير سلام.
تفرّس بعضهم في وجهي... سمعت لكنة عراقية... نهضت مستعجلة إلى الطريق. استعدت مجريات القصة وركبتها، كيف خذلتني فراستي.... هؤلاء يهو.د عرب، لا مراء في ذلك .
. لاحقًا، رأيت الدعي أمير جالسًا في أخر صفٍ من صفوف الحضور... أثناء إلقاء الكلمة موضوع المناسبة.
استحضرت الحادثة خلال متابعة انتفاضة جامعات أمريكا، تحديدًا، حيث بدأت شعلة الغضب من جامعة كولومبيا. الآن سقط أمير في نيويورك..... لباطل جولة وللحق جولات.