كشف محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور عادل الشركس، عن نية البنك تبني "مؤشرات الأداء الاجتماعي لقطاع التمويل الأصغر” لتكون جزءاً من أدواته الرقابية، وليكون في طليعة السلطات الرقابية التي تتبنى مثل هذه المؤشرات على مستوى العالم.
حديث الشركس جاء خلال افتتاحه اليوم الثلاثاء، مؤتمر سنابل السنوي السادس عشر تحت عنوان "الاتجاهات العالمية ومدى تأثيرها على تطوير قطاع التمويل الأصغر اقليمياً”.
وبين ان هذا المؤتمر يعتبر ملتقى سنوياً يبحث واقع ومستقبل قطاع التمويل الأصغر في منطقتنا والعالم، وفرصة ثمينة للخبراء الماليين وواضعي السياسات الاقتصادية، والقائمين على مؤسسات التمويل الأصغر، من داخل الأردن وخارجه، لتناول قضايا وملفات هامة مطروحة على طاولة النقاش، ترتبط بواقع وآفاق صناعه التمويل الأصغر في البلدان العربية، والتحديات التي تواجهها، لا سيما في ظل المستجدات المتسارعة التي يشهدها القطاع المالي اليوم.
وحول مسيرة الأردن في الرقابة على قطاع التمويل الأصغر، اشار الى انها بدأت عام 2015 بصدور نظام شركات التمويل الأصغر باعتباره مرجعية قانونية لتنظيم القطاع، مبنياً على أفضل المعايير والممارسات المهنية في تنظيم عمل القطاع وحماية عملائه، وبما يحقق استدامة أعماله، وضمان توفر أطر الحاكمية المؤسسية السليمة التي تضمن وجود إدارات كفؤة تتمتع بالخبرات اللازمة للمحافظ على دوره الاقتصادي الاجتماعي الخاص به، حيث امتدت مظلتنا الرقابية عام 2021 لتشمل كافة شركات التمويل.
وبين أن قطاع التمويل الأصغر في المنطقة قادر على مواكبة المستجدات المتسارعة وبما يعزز دوره في تحقيق الشمول المالي، والذي يمثل مسؤولية تقع على عاتق جميع الأطراف من صانعي السياسات والقطاعين العام والخاص والمؤسسات الاقليمية والدولية، وبما يساهم في دعم التنمية المستدامة في المنطقة .
واشار الى أن تنمية الاقتصاد وتحقيق النمو الشامل والمستدام، وبما ينعكس على مستوى معيشة ورفاه الأفراد، يتطلب تعزيز دور قطاع التمويل الأصغروقال الشركس، ان انعقاد هذا المؤتمر اليوم يمثل فرصة سانحة للتأكيد على الأهمية التي يحظى بها قطاع التمويل الأصغر في ظل ما يشهده القطاع من تحولات جذرية نتيجة للتقدم التكنولوجي والابتكارات الرقمية، التي تُسهم بإعادة صياغة الاستراتيجيات، وتطوير شراكات جديدة لمواكبة هذه التغيرات، فضلاً عن تزايد الاهتمام بالأثر الاجتماعي والاستدامة، والتوجه نحو التمويل المسؤول والتمويل الأخضر، والالتزام بالممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة، ما يتطلب إعادة رسم خريطة الخدمات المالية بشكل جذري، وهو ما يشكل تحدياً لقطاع التمويل الأصغر ليسعى بجدٍ لمواكبة التطورات المتسارعة وتكييف نماذجه وأدواته لتبقى قادرة على تلبية احتياجات عملائه.
واضاف، في ظل عصر تتسارع فيه وتيرة التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية، حافظ قطاع التمويل الأصغر في الأردن على متانته المالية وسلامة موجوداته، بالرغم من العقبات التي واجهها خلال السنوات الماضية، ومن أبرزها التداعيات السلبية لجائحة كورونا وما تبعها من أحداث كان لها الأثر الأكبر في رسم مختلف السياسات والتوجهات، وحقق القطاع معدلات ربحية مريحة ومستقرة ساهمت في تدعيم مركزه المالي والمحافظة على جودة محفظته الاقراضية والتوسع بأعماله وفروعه لتقديم الخدمات لأوسع شريحة ممكنة من العملاء.
وأكد أن التوجه نحو الذكاء الاصطناعي، والابتكار التكنولوجي، والتحول الرقمي، يوفر للشركات فرصاً لا مثيل لها في تبسيط العمليات، وتعزيز إمكانية الوصول للعملاء، وتحسين إدارة المخاطر وخفض التكاليف، والتخفيف من حدة الفقر، وتحسين تقديم الخدمات المالية للعملاء، موضحا أن النجاح في الانتقال إلى المشهد الرقمي بشكل آمن يجب أن يكون من خلال شركات أكثر استعداداً لتلبية احتياجات العملاء، ومراعاة خصوصية وحماية البيانات، ومخاطر الأمن السيبراني.
و حول اهمية مواكبة التطورات والمستجدات المتسارعة في مجال التكنولوجيا المالية، اكد الشركس ان البنك المركزي اطلق الاستراتيجية الوطنية للمدفوعات الالكترونية، ورؤية التكنولوجيا المالية والابتكار في الأردن، واستراتيجية التمويل الأخضر، وإطلق أكاديمية التكنولوجيا المالية الأردنية، تحت مظلة معهد الدراسات المصرفية تأكيداً لالتزام البنك المركزي بالمضي قدماً نحو الريادة في القطاع المالي والمصرفي، وبما يعزز من الطموح في جعل الأردن مركزاً اقليمياً رائداً في مجال التكنولوجيا المالية في المنطقة، داعيا شركات التمويل الأصغر للاستفادة من البرامج التي تقدمها الأكاديمية في تنمية مهارات وقدرات العاملين فيها.وبين ان قطاع التمويل الاصغر يلعب دورا مهما في سد احتياجات شريحة كبيرة من الأفراد في منطقتنا العربية الذين يفتقرون إلى الخدمات المالية، وبما يُعيق قدرتهم على النهوض بمشاريعهم وتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال الاستثمار في الأدوات المبتكرة، وتطوير منتجات مالية تتلاءم مع احتياجات ذوي الدخل المحدود، وتعزيز الشمول المالي الذي ما زال يمثل تحدياً حقيقياً في منطقتنا العربية، ودون المستويات المأمولة .
وعلى الصعيد المحلي، أطلق البنك المركزي مؤخراً الاستراتيجية الوطنية للاشتمال المالي للأعوام (2023-2028)، حيث تتمثل أبرز أهدافها برفع نسبة الاشتمال المالي من 43.1 إلى65 بالمئة في نهاية عام 2028، وتقليص الفجوة الجندرية من 22 إلى 12 بالمئة، ورفع نسبة ملكية الحسابات المالية للمنشآت متناهية الصّغر والصغيرة والمتوسطة من 52.4 إلى75 بالمئة، موضحا أن هذه الاستراتيجية تضمنت هدفاً وطنياً لتعزيز التمويل الممنوح للشركات متناهية الصغر والصغيرة ليكون الدور الفاعل في تحقيقه لشركات التمويل الأصغر، لما لهذه المؤسسات عظيم الأثر في الدفع بعجلة النمو الاقتصادي في المملكة.
واشار الشركس انه لا يكتمل الحديث عن التمويل الأصغر دون إدراك أهمية ذلك في تمكين المرأة اقتصادياً، إذ تعتبر ريادة الأعمال استراتيجية مهمة للنهوض بالتمكين الاقتصادي للمرأة، والحد في الوقت نفسه من عدم المساواة بين الجنسين، حيث باتت ريادة المرأة للأعمال والتكنولوجيا رافدًا رئيسيًا للحصول على فرص عمل لائقة ومستدامة.
ولفت إلى أن التمويل الأصغر كان أداة قوية لتمكين المرأة في البلدان النامية، حيث استفادت النساء على وجه الخصوص بشكل كبير من البرامج التمويلية المقدمة من القطاع. كما ساهم التمويل الأصغر في التمكين الاجتماعي للنساء من خلال تحسين وضعهن وصوتهن في صنع القرار داخل أسرهن ومجتمعاتهن.