بهدف دعم عمليات اتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب للإنذار المبكر عند الكوارث، وتوفير المراقبة الدقيقة للتأثيرات والظروف المتغيرة المواكبة لتحولات الكارثة، صمم ونفذ الأستاذ في قسم الهندسة الإنشائية الزلزالية بالمعهد العالي للبحوث والدراسات الزلزالية في جامعة دمشق الدكتور حسين عزيز صالح تقنية مبنية على آلية عمل النمل للإنذار المبكر عن الكوارث.
تسمح هذا الآلية، وفق ما أوضح الدكتور صالح لـ سانا بإمكانية تطبيق علوم وتطبيقات وأدوات المعلوماتية على علوم الأرض "التقنيات الجيومعلوماتية” مثل نظام الأقمار الصناعية والاستشعار عن بعد، ونظم المعلومات الجغرافية لتجميع الكم الهائل من البيانات المتعلقة بالكارثة، ليتم تطبيق مبدأ مجموعة عمل النمل "المبنية على الذكاء الاصطناعي” لمعالجة وتحليل هذه البيانات والحصول على المعلومات الضرورية حول الكارثة على نحوٍ سريع.
وأشار الدكتور صالح إلى أن تطبيق آلية عمل مجموعة النمل المبنية على الذكاء الاصطناعي في تصميم منظومة الإنذار المبكر عن الكوارث الطبيعية عمل علمي مهم في الحصول على الحلول المثالية التي تساعد في تخفيف مستوى التشويش في الإنذار، وتسريع عملية إيصال المعلومات إلى فرق الإنقاذ في الوقت المناسب، لافتاً إلى أن زمن الإنذار عن الكوارث متغيّر وفقاً لنوع وطبيعة الكارثة المراد مواجهتها، والهدف من تطبيقات الذكاء الاصطناعي تحسين مدة الإنذار وتعظيم الفائدة منها.
يستخدم الإنذار المبكر عن الكوارث كافة من طبيعية "مثل الحرائق في الغابات والفيضانات والتسونامي والتلوث البيئي، إلخ”، وتكنولوجية مثل "الحرائق والتسربات النفطية في المصافي ومحطات التحويل الكهربائية، إلخ” بحسب الدكتور صالح.
وقال: مثلاً في حال الإنذار المبكر عن التلوث البيئي الناجم عن الفيضان تستطيع المنظومة تحقيق الإدارة المتكاملة لمراقبة الوضع الكارثي الناتج عن تلوث الهواء من خلال تأمين الحلول المثالية لإدارة كارثة الفيضان، والتغيرات المتوقعة في البيئة بعد حدوث الكارثة، حيث يقوم النموذج الديناميكي لآلية عمل مجموعة النمل بتأمين المعلومات الدقيقة باستمرار طيلة مراحل إدارة كارثة الفيضان، ثم تحليل واستنباط البيانات ومعالجتها آنياً بشكل تسلسلي ومتتالٍ، وبالتالي توزيع واستخلاص المعطيات وتعميم استعمالها واستثمارها بفعالية في تحديد أنواع المشكلات التي تهدد الوضع المائي، وأنواع وصفات المعطيات التي تُعد ضرورية في تقدير طبيعة خطر التلوث”.
وفيما يخص إمكانية تطبيق الاختراع من قبل الجهات المختصة، قال الدكتور صالح: إنه "يتم العمل حالياً على تطوير هذا الاختراع في تصميم منظومة الإنذار المبكر عن الكوارث في مدينة عدرا الصناعية وتطبيقه فور الانتهاء منه بشكل كامل”.
تأتي تسمية آلية عمل مجموعة النمل للإنذار المبكر عن الكوارث من السلوك الطبيعي في بحث النمل عن مصدر الغذاء وقدرته الفائقة على تشكيل شبكة نموذجية من المسالك بين مساكنها وأماكن وجود الغذاء، وهذا ما ألهم الدكتور صالح في إيجاد نموذج اصطناعي لآلية عمل مجموعة النمل باستخدام شبكة جيوماتية صغيرة مرصودة بالأقمار الصناعية.
من الجدير ذكره أن موضوع الدراسة البحثية للدكتور صالح في الدكتوراه الأولى من بريطانيا عام 2000 كان حول تطبيق خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تصميم الشبكات الجيوماتية الضخمة، والدراسة البحثية في الدكتوراه الثانية من بلجيكا 2017 حول تطوير هذه الخوارزميات والشبكات الجيوماتية في مجال التخطيط الإقليمي البيئي وإدارة الكوارث على مختلف أنواعها، وتطبيقها على أرض الواقع.
إن د. صالح أحد الباحثين والخبراء الذي ساهموا في تأسيس ماجستير إدارة الكوارث في جامعة دمشق عام 2010، وأحد الباحثين المساهمين في رسم وتنفيذ "السياسة الوطنية للعلوم والتقانة والابتكار” التي تعتمد على تطبيق البحث العلمي والتطوير التقاني للارتقاء بالقطاعات الإنتاجية والخدمية من خلال التخفيف من المخاطر والكوارث باستخدام التقنيات المتطورة خلال عمله في الهيئة العليا للبحث العلمي خلال المدة 2008- 2017.